مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٦٧
كما لو قطعها على فرس جواد في بعض يوم. ولو شك في طول سفره اجتهد، فإن ظهر له أن القدر المعتبر قصر وإلا فلا، وعليه حمل إطلاق الشافعي عدم القصر. وثاني الشروط: قصد محل معلوم كما قال: (ويشترط قصد موضع) معلوم (معين) أو غير معين (أولا) أي أول سفره ليعلم أنه طويل فيقصر أولا، (فلا قصر للهائم) وهو من لا يدري أين يتوجه، (وإن طال سفره) إذ شرط القصر أن يعزم على قطع مسافة القصر، ويسمى أيضا راكب التعاسيف، فقد قال أبو الفتوح العجلي: هما عبارة عن شئ واحد. قال الدميري: وليس كذلك، بل الهائم الخارج على وجهه لا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقا مسلوكا، وراكب التعاسيف لا يسلك طريقا، فهما مشتركان في أنهما لا يقصدان موضعا معلوما وإن اختلفا فيما ذكرناه اه‍. ويدل له جمع الغزالي بينهما. (ولا طالب غريم وآبق يرجع متى وجده) أي مطلوبه منهما، (ولا يعلم موضعه) وإن طال سفره لانتفاء علمه بطوله أوله، نعم إن قصد سفر مرحلتين أولا كأن علم أنه لا يجد مطلوبه قبلهما قصر كما في الروضة وأصلها، وكذا قصد الهائم سفر مرحلتين كما شملته عبارة المحرر. وظاهر إطلاق الروضة أنه يترخص في هذه الحالة مطلقا، وهو كذلك كما اعتمده شيخي، وإن قال الزركشي: إنما يترخص في مرحلتين لا فيما زاد عليهما لأنه ليس له مقصد معلوم. ولو علم الأسير أن سفره طويل ونوى الهرب إن تمكن منه لم يقصر قبل مرحلتين ويقصر بعدهما، ولا أثر للنية بقطعه مسافة القصر وإن خالف في ذلك الأذرعي، ومثل ذلك يأتي في الزوجة والعبد إذا نوت الزوجة أنها متى تخلصت من زوجها رجعت، والعبد أنه متى أبق رجع فلا يترخصان قبل مرحلتين. وألحق بالزوجة والعبد الجندي، وبالفراق النشوز، وبالعتق الإباق.
فائدة: متى فات من له القصر بعد المرحلتين صلاة فيهما قصر في السفر لأنهما فائتة سفر طويل كما شمل ذلك قولهم: تقصر فائتة في السفر، نبه على ذلك شيخي. واحترز بقوله أولا عما إذا نوى مسافة القصر ثم نوى بعد مفارقة العمران الذي لا يقصر قبل مفارقته أو السور أنه إن وجد غرضه رجع، أو أن يقيم في طريقه ولو بمكان قريب أربعة أيام ترخص إلى أن يجد غرضه أو يدخل المكان لأن سبب الرخصة قد انعقد فيستمر حكمه إلى أن يوجد ما غير النية إليه، بخلاف ما إذا عرض له ذلك قبل مفارقة ما ذكر. فإن قيل: قياس ما قالوه من منع الترخص فيما لو نقل سفره المباح إلى معصية منعه فيما لو نوى أن يقيم ببلد قريب. أجيب بأن نقله إلى معصية مناف للرخص بالكلية، بخلاف ما نحن فيه. ودخل فيما قررت به كلام المصنف ما لو كان معلوما غير معين، بأن قصد قطع المسافة الطويلة مع عدم تعيين المقصد كأن خرج من مكة بنية أن يصل إلى بطن مرو ثم يشرق إلى المدينة الشريفة أو يغرب إلى ينبع، وكذا لو أخبر الزوج زوجته أو السيد عبده بأن سفره طويل ولم يعين موضعا. ولو نوى في سفره ذو السفر القصير الزيادة في المسافة بحيث يحصل بها مسافة القصر فليس له الترخص حتى يكون من مكان نيته إلى مقصده مسافة القصر ويفارق مكانه لانقطاع سفره بالنية، ويصير بالمفارقة مسافرا جديدا، ولو نوى قبل خروجه إلى سفر طويل إقامة أربعة أيام في كل مرحلة لم يقصر لانقطاع كل سفرة عن الأخرى. (ولو كان لمقصده) بكسر الصاد كما ضبطه المصنف بخطه، (طريقان طويل) يبلغ مسافة القصر (وقصير) لا يبلغها (فسلك الطويل لغرض) ديني أو دنيوي ولو مع قصد إباحة القصر (كسهولة) الطريق (أو أمن) أو زيارة أو عيادة، أو للسلامة من المكاسين، أو لرخص سفر ولو كان الغرض تنزها، (قصر) لوجود الشرط، وهو السفر الطويل المباح. (وإلا) بأن سلكه لمجرد القصر، أو لم يقصد شيئا كما في المجموع، (فلا) يقصر (في الأظهر) المقطوع به، لأنه طول الطريق على نفسه من غير غرض، فهو كما لو سلك الطريق القصير وطوله بالذهاب يمينا ويسارا حتى قطعها في مرحلتين. والثاني: يقصر لأنه طويل مباح. فإن قيل:
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532