مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٣٤
أو عبيد أو فسقة) أو نساء وظن صدقهم كما قاله الرافعي، أو عدل ولم يكتف به. وعبارة المحرر كالشرح، أو قال عدد من النسوة أو الصبيان أو الفساق قد رأيناه، وهذه العبارة أولى من عبارة المصنف لشمولها الاثنين ممن ذكر. وإنما لم يصح صومه عن رمضان لأنه لم يثبت كونه منه، نعم من اعتقد صدق من قال إنه رآه ممن ذكر يجب عليه الصوم كما تقدم عن البغوي في طائفة أول الباب. وتقدم في أثنائه صحة نية المعتقد لذلك وقوع الصوم عن رمضان إذا تبين كونه منه. قال الشارح: فلا تنافي بين ما ذكر في المواضع الثلاثة اه‍، أي لأن يوم الشك الذي يحرم صومه هو على من لم يظن الصدق، هذا موضع، وأما من ظنه أو اعتقده صحت النية منه ووجب عليه الصوم، وهذان موضعان. وفي هذا رد على قول الأسنوي: إن كلام الشيخين في الروضة وشرح المهذب متناقض من ثلاثة أوجه: في موضع يجب، وفي موضع يجوز، وفي موضع يمتنع.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن يوم الشك يحصل بما ذكر سواء أطبق الغيم أم لا، وهو كذلك وإن قيده صاحب البهجة بعدم إطباقه. أما إذا لم يتحدث أحد بالرؤية فليس اليوم يوم شك بل هو يوم من شعبان وإن أطبق الغيم لخبر: فإن غم عليكم. (وليس إطباق الغيم) ليلة الثلاثين (بشك) بل هو من شعبان لخبر: فإن غم عليكم.
فرعان: أحدهما: إذا انتصف شعبان حرم الصوم بلا سبب إن لم يصله بما قبله على الصحيح في المجموع وغيره لخبر: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، لكن ظاهره أنه يحرم وإن وصله بما قبله وليس مرادا حفظا لأصل مطلوبية الصوم. الثاني: الفطر بين الصومين واجب إذ الوصال في الصوم فرضا كان أو نفلا حرام للنهي عنه في الصحيحين، وهو أن يصوم يومين فأكثر، ولا يتناول بالليل مطعوما عمدا بلا عذر، ذكره في المجموع. وقضيته أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال، لكن في البحر أن يستديم جميع أوصاف الصائمين، وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه، وهذا هو الظاهر. قال الأسنوي: وتعبير الرافعي - أي وغيره - بأن يصوم يومين يقتضي أن المأمور بالامساك كتارك النية لا يكون امتناعه ليلا من تعاطي الفطر وصالا لأنه ليس بين صومين، إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب اه‍. وهذا ظاهر أيضا، لأن تحريم الوصال للضعف عن الصيام والصلاة وسائر الطاعات وهو حاصل في هذه الحالة.
(ويسن تعجيل الفطر) إذا تحقق غروب الشمس، لخبر الصحيحين: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر زاد الإمام أحمد : وأخروا السحور ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى، ويكره أن يؤخره إن قصد ذلك ورأي أن فيه فضيلة وإلا فلا بأس به، نقله في المجموع عن نص الام، وفيه عن صاحب البيان أنه يكره أن يتمضمض بماء ويمجه وأن يشربه ويتقايأه إلا لضرورة، قال: وكأنه شبيه بالسواك للصائم بعد الزوال لكونه يزيل الخلوف اه‍. وهذا كما قال الزركشي إنما يأتي على القول بأن كراهة السواك لا تزول بالغروب، والأكثرون على خلافه. وخرج بتحقق الغروب ظنه باجتهاد فلا يسن تعجيل الفطر به وظنه بلا اجتهاد وشكه فيحرم بهما كما مر ذلك. ويسن كونه (على) رطب، فإن لم يجده فعلى (تمر، وإلا) أي وإن لم يجده (فماء) لخبر: كان النبي (ص) يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم يكن حسا حسوات من ماء فإنه طهور، رواه الترمذي وحسنه. وقضيته تقديم الرطب على التمر كما قدرته، وهو كذلك، وتثليث ما يفطر عليه، وهو قضية نص الام في حرملة وجماعة من الأصحاب.
ويجمع بينه وبين تعبير جماعة بتمرة، يحمل ذلك كما قال شيخنا على أصل السنة، وهذا على كمالها. ونقل في أصل الروضة عن الروياني أنه إذا لم يجد التمر فعلى حلو، ونقل عن القاضي أن الأولى في زماننا أن يفطر على ماء يأخذه بكفه من النهر ليكون أبعد عن الشبهة. قال في المجموع: وهذان شاذان. وقال المحب الطبري: من بمكة يستحب له الفطر على ماء زمزم، ولو جمع بينه وبين التمر فحسن اه‍. ورد بأنه مخالف للاخبار وللمعنى الذي شرع الفطر على التمر لأجله، وهو حفظ البصر، فإن الصوم يضعفه والتمر يرده، أو أن التمر إذا نزل إلى معدة فإن وجدها خالية حصل الغذاء، وإلا أخرج ما هناك من بقايا الطعام، وهذا لا يوجد في ماء زمزم، وفي الجمع بينهما زيادة على السنة الواردة، وهي قوله (ص): إذا كان
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532