مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٨٣
في الذكر والدعاء، والأفضل جعل يمينه إليهم ويساره إلى المحراب، وقيل عكسه، وقال: الصيمري وغيره: يستقبلهم بوجهه في الدعاء. وقولهم: من أدب الدعاء استقبال القبلة مرادهم غالبا لا دائما. ويسن الاكثار من الذكر والدعاء، قال في المهمات: وقيد الشافعي رضي الله عنه استحباب إكثار الذكر والدعاء بالمنفرد والمأموم، ونقله عنه في المجموع، لكن لقائل أن يقول يسن للإمام أن يختصر فيهما بحضرة المأمومين، فإذا انصرفوا طول، وهذا هو الحق اه‍. وهم لا يمنعون ذلك.
فائدة: قال بعض العلماء: خاطب الله هذه الأمة بقوله: * (فاذكروني أذكركم) * فأمرهم أن يذكروه بغير واسطة، وخاطب بني إسرائيل بقوله: * (اذكروا نعمتي) * لأنهم لم يعرفوا الله إلا بها. فأمرهم أن يتصوروا النعم ليصلوا بها إلى ذكر المنعم. (و) يسن (أن ينتقل للنفل) أو الفرض (من موضع فرضه) أو نفله لتكثير مواضع السجود فإنها تشهد له.
ولو قال: وأن ينتقل لصلاة من محل إلى آخر لكان أشمل وأخصر واستغنى عن التقدير المذكور. قال في المجموع: فإن لم ينتقل فليفصل بكلام إنسان. قال الشافعي والأصحاب: يستحب للإمام إذا سلم أن يقوم من مصلاه عقب سلامه إذا لم يكن خلفه نساء، قال الأصحاب: لئلا يشك هو أو من خلفه هل سلم أو لا، ولئلا يدخل غريب فيظنه بعد في صلاته فيقتدي به اه‍. قال الأذرعي: والعلتان تنتفيان إذا حول وجهه إليهم أو انحرف عن القبلة اه‍. وينبغي كما بحثه بعضهم أن يستثني من ذلك ما إذا قعد مكانه يذكر الله بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس لأن ذلك كحجة وعمرة تامة، رواه الترمذي عن أنس، أما إذا كان خلفه نساء فسيأتي. (وأفضله) أي الانتقال للنفل من موضع صلاته، (إلى بيته) لقوله (ص): صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة رواه الشيخان. وسواء في هذا المسجد الحرام ومسجد المدينة والأقصى وغيرها لعموم الحديث. والحكمة فيه بعده من الرياء ولا يلزم من كثرة الثواب التفضيل، وفي صحيح مسلم: إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل (في بيته) من صلاته خيرا والمراد صلاة النافلة، وروي: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا وروي: مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت. واستثني من ذلك النافلة يوم الجمعة لفضيلة البكور، وركعتا الطواف وركعتا الاحرام إذا كان في الميقات مسجد أو خاف فوت الراتبة لضيق وقت، أو بعد منزله، أو خاف التهاون بتأخيرها، أو كان معتكفا. وقال القاضي أبو الطيب: إذا أخفى نافلته في المسجد كان أفضل من البيت. وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق بين الليل والنهار ولا بين أن يكون المسجد مهجورا أو لا. (وإذا صلى وراءهم نساء مكثوا) أي مكث الإمام بعد سلامه ومكث معه الرجال قدرا يسيرا يذكرون الله تعالى. (حتى ينصرفن) ويسن لهن أن ينصرفن عقب سلامه للاتباع في ذلك، رواه البخاري، ولان الاختلاط بهن مظنة الفساد. أما الخناثى فالقياس انصرافهم فرادى بعد النساء وقبل الرجال. (وأن ينصرف) المصلي بعد فراغه من صلاته (في جهة حاجته) أي جهة كانت إن كان له حاجة، (وإلا) بأن لم يكن له حاجة أو له حاجة لا في جهة معينة، (فيمينه) أي فينصرف في جهة يمينه لأن التيامن محبوب، نقله في المجموع عن النص والأصحاب، لكن ذكر المصنف في الرياض أنه يستحب في الحج والعمرة والصلاة وعيادة المريض وسائر العبادات أن يذهب من طريق ويرجع من أخرى. قال الأسنوي: وبين الكلامين تناف وقد يقال إنه لا تنافي، ويحمل قولهم أنه يرجع في جهة يمينه إذا لم يرد أن يرجع في طريق أخرى أو وافقت جهة يمينه، وإلا فالطريق الأخرى أولى لتشهد له الطريقان. وظاهر كلامهم أنه لا يكره أن يقال انصرفنا من الصلاة، وهو كذلك، فقد نقل ابن عدي في كامله عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله (ص) كان إذا انصرف من الصلاة قال: اللهم بحمدك انصرفت وبذنبي اعترفت وأعوذ بك من شر ما اقترفت وإن أسند الطبري عن ابن عباس أنه يكره ذلك لقوله تعالى: * (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم) *. (وتنقضي القدوة بسلام الإمام) التسليمة الأولى لخروجه الصلاة بها، فلو سلم المأموم
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532