مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٨٢
وفي لفظ: فاجتهدوا في الدعاء. وروى الحاكم عن علي أن النبي (ص) قال: الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض وفيه عن ثوبان عن النبي (ص) أنه قال: لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وفيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها: إن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. وروى ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا: من لم يسأل الله يغضب عليه. ويبالغ المنفرد في الدعاء، ومأثور الدعاء أفضل، ومنه: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلانيته رواه مسلم. (و) يسن (أن يعتمد في قيامه من السجود والقعود على يديه) لأنه أشبه بالتواضع وأعون للمصلي، ولثبوته في الصحيح عن فعله (ص). وكيفية الاعتماد أن يجعل بطن راحته وبطون أصابعه على الأرض، وسواء فيه القوي والضعيف. وأما الحديث الذي في الوسيط عن ابن عباس: أن النبي (ص) كان إذا قام من الصلاة وضع يده بالأرض كما يضع العاجن فليس بصحيح وإن صح حمله على ذلك، ويكون المراد بالعاجن الشيخ الكبير لا عاجن العجين كما قيل:
فأصبحت كنيأ وأصبحت عاجنا * وشر خصال المرء كنت وعاجن و) يسن (تطويل قراءة) الركعة (الأولى على الثانية في الأصح) للاتباع في الظهر والعصر، رواه الشيخان، وفي الصبح، رواه مسلم، ويقاس غير ذلك عليه. وكذا يطول الثالثة على الرابعة إذا قرأ السورة فيهما كالأولى مع الثانية، والثاني: أنهما سواء، ورجحه الرافعي ونقله في زيادة الروضة عن الجمهور ونص عليه في الام. وحملوا الحديث على أنه (ص) أحس بداخل. ومحل الخلاف فيما لا نص فيه ولا مصلحة في خلافه، أما ما فيه نص بتطويل الأولى كصلاة الكسوف والقراءة بالسجدة وهل أتى في صبح الجمعة أو بتطويل الثانية كسبح وهل أتاك في صلاة الجمعة أو العيد فيتبع أو المصلحة في خلافه كصلاة ذات الرقاع للإمام، فيسن له أن يخفف في الأولى ويطيل الثانية حتى تأتي الفرقة الثانية، ويسن للطائفتين التخفيف في الثانية لئلا يطول في الانتظار، ويطيل الثانية في مسألة الزحام ليلحقه منتظر السجود. (و) يسن (الذكر) والدعاء (بعدها) أي الصلاة، ثبت ذلك في الصحيحين بأنواع من الأذكار والأدعية، فمن ذلك حديث ثوبان قال: كان رسول الله (ص) إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام. قيل للأذرعي وهو أحد رواته: كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر الله. ومنها ما روى مسلم عن كعب ابن عجرة أن النبي (ص) قال: معقبات لا يخيب قائلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة وأربعا وثلاثين تكبيرة، وفي رواية: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين (فتلك تسعة وتسعون) ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. قال المصنف: والأولى الجمع بين الروايتين، فيكبر أربعا وثلاثين ويقول لا إله إلا الله إلخ، وروي: من قال دبر صلاة الفجر وهو ثان رجله قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده ولا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير عشر مرات كتب له عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان في يومه ذلك في حرز (من كل مكروه وحرس) من الشيطان رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وعن أبي أمامة أن رسول الله (ص) قال: من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت رواه النسائي وابن حبان في صحيحه. والأحاديث في الباب كثيرة.
ويسن أن يبدأ من هذه الأذكار بالاستغفار، وسئل النبي (ص): أي الدعاء أسمع؟ أي أقرب إلى الإجابة، قال: جوف الليل (الآخر) ودبر الصلوات المكتوبات رواه الترمذي. وقد ورد في ذلك أدعية مشهورة منها ما تقدم ومنها ما روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح أن النبي (ص) أخذ بيد معاذ وقال: يا معاذ والله إني أحبك وأوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ويسن الاسرار بالذكر والدعاء إلا أن يكون إماما يريد تعليم المأمومين فيجهر بها فإذا تعلموا أسر. قال في المجموع وغيره: ويستحب للإمام أن يقبل عليهم
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532