مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩٧
ثم قال: وفيما قاله نظر. قال الأذرعي: وليس كما قال، وما قاله العبادي ظاهر اه‍. وهو كذلك. وقال القفال في فتاويه:
إنه إن قال ذلك متعمدا معتقدا كفر، ولو قال: قال الله أو النبي كذا بطلت صلاته كما شمله كلامهم، وصرح به القاضي.
وتبطل بمنسوخ التلاوة وإن لم ينسخ حكمه لا بمنسوخ الحكم دون التلاوة. (ولا تبطل) الصلاة (بالذكر والدعاء) وإن لم يندبا، ولا بنذر، قال في المجموع: لأنه مناجاة لله تعالى فهو من جنس الدعاء، وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب النذر هل هو قربة أو لا، إلا ما علق من ذلك كقوله: اللهم اغفر لي إن أردت، أو: إن شفى الله مريضي فعلي عتق رقبة، أو إن كلمت زيدا فعلي كذا فتبطل به صلاته، وكذا لو كان الدعاء محرما. ويشترط النطق بذلك بالعربية وإن كان لا يحسنها كما مرت الإشارة إليه، وأن لا يكون فيه خطاب مخلوق غير النبي (ص) من إنس وجن وملك كما قال: (إلا أن يخاطب) به (كقوله لعاطس: يرحمك الله) ونحو ذلك ك‍ سبحان ربي وربك، أو قال لعبده: لله علي أن أعتقك فتبطل به. واستثنى الزركشي وغيره مسائل: إحداها دعاء فيه خطاب لما لا يعقل كقوله: يا أرض ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما دب عليك، وكقوله إذا رأى الهلال: آمنت بالله الذي خلقك ربي وربك الله. ثانيها: إذا أحس بالشيطان فإنه يستحب أن يخاطبه بقوله: ألعنك بلعنة الله أعوذ بالله منك، لأنه (ص) قال ذلك في الصلاة. ثالثها: لو خاطب الميت في الصلاة عليه فقال: رحمك الله غفر الله لك، لأنه لا يعد خطابا، ولهذا لو قال لامرأته: إن كلمت زيدا فأنت طالق فكلمته ميتا لم تطلق، والمعتمد خلاف ما ذكر من الاستثناء. وقد ذكر المصنف في شرح مسلم الحديث الذي ورد بأنه خاطب الشيطان بقوله: ألعنك بلعنة الله وقال: إنه إما مؤول أو كان ذلك قبل تحريم الكلام اه‍. أما خطاب الخالق ك‍ إياك نعبد، وخطاب النبي (ص) ك‍ السلام عليك في التشهد فلا تبطل به. قال الأذرعي: وقضيته أنه لو سمع بذكره (ص) فقال: السلام عليك أو الصلاة عليك يا رسول الله أو نحوه لم تبطل صلاته، ويشبه أن يكون الأرجح بطلانها من العالم لمنعه من ذلك، وفي إلحاقه بما في التشهد نظر لأنه خطاب غير مشروع اه‍. والأوجه عدم البطلان إلحاقا له بما في التشهد كما يؤخذ مما مر. قال الزركشي: والظاهر أن إجابة عيسى (ص) بعد نزوله كإجابة نبينا (ص)، لكن مقتضى كلام الرافعي أن خطاب الملائكة وباقي الأنبياء تبطل به الصلاة اه‍. والمقتضى هو المعتمد، والمتجه كما قاله الأسنوي أن إجابة النبي (ص) بالفعل الكثير كإجابته بالقول. ولا تجب إجابة الأبوين في الصلاة، بل تحرم في الفرض وتجوز في النفل، والأولى الإجابة فيه إن شق عليهما عدمها كما بحثه بعض المتأخرين، وتبطل بإجابة أحدهما لا بإشارة الأخرس وإن باع بها واشترى. ولو قال قاف أو صاد أو نون، فإن قصد كلام الآدميين بطلت صلاته، وكذا إن لم يقصد شيئا كما بحثه بعضهم، أو القرآن لم تبطل. وعلم بذلك أن المراد بالحرف غير المفهم الذي لا تبطل الصلاة به هو مسمى الحرف لا اسمه. ولو قرأ إمامه: * (إياك نعبد وإياك نستعين) * فقالها بطلت صلاته إن لم يقصد تلاوة أو دعاء كما في التحقيق، فإن قصد ذلك لم تبطل، أو قال: استعنت بالله أو استعنا بالله بطلت صلاته، وإن قصد بذلك الثناء أو الذكر كما في فتاوى شيخي، قال: إذ لا عبرة بقصد ما لم يفده اللفظ، ويقاس على ذلك ما أشبهه. (ولو سكت طويلا) عمدا في غير ركن قصير (بلا غرض لم تبطل) صلاته (في الأصح) لأن ذلك لا يحرم هيئة الصلاة، والثاني: تبطل لاشعاره بالاعراض عنها.
أما تطويل الركن القصير فتبطل الصلاة بتطويله كما سيأتي في الباب الآتي. قال الأسنوي: واحترز بقوله طويلا عن اليسير فإنه لا يضر جزما، وبلا غرض عن السكوت ناسيا ولتذكر شئ نسيه فالأصح فيهما القطع بعدم البطلان اه‍. ونظر في دعواه الاحتراز بقوله: بلا غرض عن النسيان، فإن الناسي يصدق عليه بأنه سكت بلا غرض، وإنما يخرج ما قدرته تبعا للشارح. (ويسن لمن نابه شئ) في صلاته (كتنبيه إمامه) لنحو سهو (وإذنه لداخل) استأذن في الدخول عليه (وإنذاره أعمى) مخافة أن يقع في محذور، أو نحو ذلك كغافل وغير مميز ومن قصده ظالم أو نحو سبع، (أن يسبح
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532