مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦٣
في ذمته باستطاعته في الردة. ولا على غير مكلف كسائر العبادات، ولا على من فيه رق لأن منافعه مستحقة فليس مستطيعا، ولا على غير المستطيع لمفهوم الآية. وقد علم مما ذكر في الحج والعمرة أن لكل منهما خمس مراتب:
الصحة المطلقة، وصحة المباشرة، والوقوع عن النذر، والوقوع عن فرض الاسلام، والوجوب. فيشترط مع الوقت الاسلام وحده للصحة، ومع التمييز للمباشرة، ومع التكليف للنذر، ومع الحرية لوقوعه عن حجة الاسلام وعمرته، ومع الاستطاعة للوجوب. (وهي) أي الاستطاعة، (نوعان: أحدهما استطاعة مباشرة) لحج أو عمرة بنفسه، (ولها شروط) سبعة، غالبها يؤخذ من قول المتن، ولكن المصنف عدها أربعة، فقال: (أحدها: وجود الزاد) الذي يكفيه، (وأوعيته) حتى السفرة، (ومؤنة) أي كلفة (ذهابه) لمكة (وإيابه) أي رجوعه منها إلى بلده وإن لم يكن له فيها أهل وعشيرة. (وقيل إن لم يكن له ببلده) بهاء الضمير، (أهل) أي من تلزمه نفقتهم كالزوجة والقريب، (وعشيرة) أي أقاربه ولو كانوا من جهة الام، أي لم يكن له واحد منهما، (لم يشترط) في حقه (نفقة الإياب) لأن البلاد كلها بالنسبة إليه سواء. والأصح الأول لما في الغربة من الوحشة، والوجهان جاريان أيضا في الراحلة للرجوع.
تنبيه: يدخل في المؤنة الزاد وأوعيته. فلو اقتصر على المؤنة أغنى عنهما، فهو من عطف العام على بعض أفراده.
ولو قال أهل أو عشيرة كما في الروضة لاغنى عما قدرته وكان أولى، لأن وجود أحدهما كاف في الجزم باشتراط نفقة الإياب. ومحل الخلاف إذا لم يكن له ببلده مسكن وما إذا كان له في الحجاز حرفة تقوم بمؤنته وإلا اشترطت نفقة الإياب بلا خلاف. ولو عبر بمؤنة الإياب لكان أولى ليشمل الصور التي زدتها ونحوها. قال الرافعي: ولم يتعرضوا للمعارف والأصدقاء لتيسر استبدالهم. (فلو) لم يجد ما ذكر، ولكن (كان يكتسب) في سفره (ما يفي بزاده) وباقي مؤنة (وسفره طويل) مرحلتان فأكثر، (لم يكلف الحج) ولو كان يكسب في يوم كفاية أيام، لأنه قد ينقطع عن الكسب لعارض، وبتقدير عدم الانقطاع فالجمع بين تعب السفر والكسب فيه مشقة عظيمة. (وإن قصر) السفر كأن كان بمكة، أو على دون مرحلتين منها، (وهو يكتسب في يوم كفاية أيام) أي أيام الحج، (كلف) الحج بأن يخرج له لقلة المشقة حينئذ بخلاف ما إذا كان يكسب في كل يوم ما يفي به فقط فلا يكلف لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج. وقدر في المجموع أيام الحج بما بين زوال سابع ذي الحجة وزوال ثالث عشره، وهو في حق من لم ينفر النفر الأول، فإن لم يجد زادا واحتاج أن يسأل الناس كره له اعتمادا على السؤال إن لم يكن له كسب وإلا منع بناء على تحريم المسألة للمكتسب كما بحثه الأذرعي.
ولو كان يقدر في الحضر على أن يكتسب في يوم ما يكفيه لذلك اليوم وللحج فهل يلزمه الاكتساب؟ قال الأسنوي تفقها:
إذا كان السفر قصيرا لزمه، لأنهم إذا ألزموه به في السفر ففي الحضر أولى، وإن كان طويلا فكذلك لانتفاء المحذور اه‍.
والمتجه كما قال بعض المتأخرين خلافه في الطويل، لأنه إذا لم يجب الاكتساب لايفاء حق الآدمي فلايجاب حق الله تعالى بل لايفائه أولى. والواجب في القصير إنما هو الحج لا الاكتساب، فقد نقل الخوارزمي الاجماع على أن اكتساب الزاد والراحلة ليس بواجب، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الحضر والسفر، وأنه لا فرق في السفر بين القصير والطويل.
(الثاني: من شروط الاستطاعة، (وجود الراحلة) الصالحة لمثله بشراء أو استئجار بثمن أو أجرة المثل، (لمن بينه وبين مكة مرحلتان) فأكثر قدر على المشي أم لا، لكن يستحب للقادر على المشي الحج خروجا من خلاف من أوجبه.
وقضية كلام الرافعي أنه لا فرق في استحباب المشي بين الرجل والمرأة. قال في المهمات: وهو كذلك، وهذا هو المعتمد وإن قال القاضي حسين: لا يستحب للمرأة الخروج ماشية لأنها عورة، وربما تظهر للرجال إذا كانت ماشية. وعلى الأول
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532