مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦٤
لوليها منعها كما قاله في التقريب. والركوب لواجد الراحلة أفضل عند المصنف، خلافا للرافعي، اقتداء بالنبي (ص)، وأن يركب على قتيب أو رحل لا محمل وهودج. والراحلة - والهاء فيها للمبالغة -: وهي الناقة التي تصلح لأن ترحل.
ومراد الفقهاء بها كل ما يركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى. قال المحب الطبري: وفي معنى الراحلة كل دابة أعتيد الحمل عليها في طريقه من برذون أو بغل أو حمار. وإنما اعتبروا مسافة القصر هنا من مبدأ سفره إلى مكة لا إلى الحرم عكس ما اعتبروه في حاضر المسجد الحرام في المتمتع رعاية لعدم المشقة فيهما. (فإن لحقه بالراحلة مشقة شديدة)، وضبطها الشيخ أبو حامد بما يوازي ضرره الضرر الذي بين الركوب والمشي. وعبر غيره بما يخشى منه المرض. قال الامام: وهما متقاربان بأن لا خلاف بينهما فيما أظن. قال الأذرعي: وفيه وقفة للمتأمل أو كان أنثى وإن لم يتضرر بها ومثلها الخنثى.
(اشترط وجود محمل) بفتح ميمه الأولى وكسر الثانية بخط مؤلفه، وقيل عكسه، وهو الخشبة التي يركب فيها ببيع أو إجارة بعوض مثل دفعا للضرر في حق الرجل، ولأنه أستر للأنثى وأحوط للخنثى. قال الأذرعي: ويحسن الضبط في حق الأنثى بما جرت به عادتها أو عادة أمثالها في سفرها الدنيوي، وغاية الرفق أن يسلك بالعبادة مسلك العادة، فإن كثيرا من نساء الاعراب والأكراد والتركمان كالرجال، فإن الواحدة منهن تركب الخيل في السفر الطويل بلا مشقة اه‍. ومع هذا فالستر منها مطلوب، فإن لحق من ذكر في ركوب المحمل المشقة المذكورة اعتبر في حقه الكنيسة، وهي أعواد مرتفعة في جوانب المحمل يكون عليها ستر دافع للحر والبرد. (واشترط شريك) أيضا مع وجود المحمل، (يجلس في الشق الآخر) لتعذر ركوب شق لا يعاد له شئ، فإن لم يجده لم يلزمه النسك وإن وجد مؤنة المحمل بتمامه أو كانت العادة جارية في مثله بالمعادلة بالاثقال، كما هو ظاهر كلام الأصحاب، وإن خالف بعضهم في ذلك لما عليه في ذلك من المشقة.
ويسن أن يكون لمريد النسك رفيق موافق راغب في الخير كاره للشر، إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه، ويحمل كل منهما صاحبه ويرى له عليه فضلا وحرمة، وإن رأى رفيقا عالما دينا كان ذاك هو الفضل العظيم. وروى ابن عبد البر:
ابتغ الرفيق قبل الطريق فإن عرض لك أمر نصرك وإن احتجت إليه رفدك. (ومن بينه وبينها) أي مكة، (دون مرحلتين وهو قوي على المشي يلزمه الحج) لعدم المشقة، فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة ما يتعلق بها. وأشعر تعبيره بالمشي أنه لا يلزمه الحبو أو الزحف وإن أطاقهما، وهو كذلك. (فإن ضعف) عن المشي بأن عجز أو لحقه ضرر ظاهر، (فكالبعيد) عن مكة، فيشترط في حقه وجود الراحلة وما يتعلق بها. (ويشترط كون) ما ذكر من (الزاد والراحلة) مع المحمل والشريك، (فاضلين عن دينه) حالا كان أو مؤجلا، سواء أكان لآدمي أم لله تعالى كنذر وكفارة. ولو كان له في ذمة شخص مال فإن أمكن تحصيله في الحال فكالحاصل عنده، وإلا فكالمعدوم. (و) عن (مؤنة) أي كلفة (من عليه نفقتهم مدة ذهابه وإيابه) لئلا يضيعوا، وقد قال (ص): كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت، ولا بد أن يكون ذلك فاضلا عن دست ثوب يليق به، ويؤخذ ذلك من قضاء الدين لتقدمه عليه.
تنبيه: تعبير المصنف بالمؤنة يشمل النفقة والكسوة والخدمة والسكنى وإعفاف الأب، وكذا أجرة الطبيب وثمن الأدوية حيث احتاج إليها القريب والمملوك فهي أولى من تعبير المحرر بالنفقة، ولكن كان الأولى أن يقول: من عليه مؤنتهم لأنه قد يقدر على النفقة فلا تجب على قريبه دون المؤنة فتجب، وكلام الشيخين قد يوهم جواز الحج عند فقد مؤنة من عليه نفقته لأنهما جعلا ذلك شرطا للوجوب. قال الأسنوي: وليس كذلك بل لا يجوز حتى يترك لهم نفقة الذهاب والاياب وإلا فيكون مضيعا لهم، قاله في الاستذكار وغيره. (والأصح اشتراط كونه) أي ما سبق جميعه
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532