مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥٣
(و) لا يضره (الفطر، بل يصح اعتكاف الليل وحده) واعتكاف العيد والتشريق، لخبر أنس: ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه، رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. وهذا ما نص عليه الشافعي في الجديد، وحكي قول قديم أن الصوم شرط في صحته، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء. (ولو نذر اعتكاف يوم هو فيه صائم لزمه) الاعتكاف يوم صومه لأنه به أفضل، فإذا التزامه بالنذر لزمه كالتتابع، وليس له إفراد أحدهما عن الآخر قطعا سواء أكان الصوم عن رمضان أم غيره، لأنه لم يلتزم بهذا النذر صوما، وإنما نذر الاعتكاف بصفة وقد وجدت.
(ولو نذر أن يعتكف صائما) أو يصوم (أو) عكسه بأن نذر أن (يصوم معتكفا) أو باعتكاف (لزماه) أي الاعتكاف والصوم في الصورتين عملا بالتزامه. فإن قيل: الفرق بين المسألة الأولى وبين مسألتنا مشكل كما قاله الأسنوي، فإنه التزم في الموضعين الصوم بلفظ يدل على الصفة. أجيب بأن الحال قيد في عاملها ومبينة لهيئة صاحبها، بخلاف الصفة فإنها مخصصة لموصوفها، وألحقوا الجار والمجرور بالحال الصريحة. (والأصح) المنصوص (وجوب جمعهما) لأنه قربة فلزم بالنذر، والثاني: لا، لأنهما عبادتان مختلفتان، فأشبه ما لو نذر أن يعتكف مصليا أو عكسه حيث لا يلزمه جمعها، وفرق الأول بأن الصوم يناسب الاعتكاف لاشتراكهما في الكف، والصلاة أفعال مباشرة لا تناسب الاعتكاف. والثالث:
يجب الجمع في الصورة الأولى ولا يجب في الثانية، وفرق الرافعي بأن الاعتكاف لا يصلح وصفا للصوم والصوم يصلح وصفا للاعتكاف لأنه مستحب فيه. وعلى الأول الأصح لو اعتكف صائما في رمضان أو غيره نفلا كان الصوم أو واجبا بغير هذا النذر لم يجزه لعدم الوفاء بالملتزم. قال الأسنوي: والقياس فيما ذكر، ونحوه أن يكفيه اعتكاف لحظة من اليوم ولا يجب استيعابه، لأن اللفظ صادق على القليل والكثير، وكلامهم قد يوهم خلافه اه‍. والأوجه الأول ولو عين وقتا لا يصح صومه كالعيد، قال الدارمي: اعتكفه ولا يقضي الصوم فهو مستثنى من وجوب الجمع، ولو نذر القران بين حج وعمرة جاز له تفريقهما وهو أفضل. ثم شرع في الركن الثالث معبرا عنه بالشرط فقال: (ويشترط نية الاعتكاف) أي لا بد منها في ابتدائه كما في الصلاة وغيرها من العبادات، لأنه عبادة، سواء المنذور وغيره تعين زمانه أو لا.
(و) لكن (ينوي) حتما (في) الاعتكاف (المنذور الفرضية) ليتميز عن التطوع، ولا يتعين سبب وجوبه وهو النذر بخلاف الصلاة والصوم، لأن وجوب الاعتكاف لا يكون إلا بالنذر بخلافهما. ولو نوى كونه عن نذره أجزأه عن ذكر الفرض كما قاله في الذخائر، ولو كان عليه اعتكاف منذور فائت ومنذور غير فائت. قال الأذرعي:
يشبه أن يجئ في التعرض للأداء والقضاء الخلاف المذكور في الصلاة، ولو دخل في الاعتكاف ثم نوى الخروج منه لم يبطل في الأصح كالصوم. (وإذا أطلق) نية الاعتكاف ولم يعين مدة (كفته) هذه النية (وإن طال مكثه) لشمول النية المطلقة لذلك. (لكن لو خرج) من المسجد (وعاد) إليه (احتاج) ان لم يعزم عند خروجه على العود (إلى الاستئناف) لنية الاعتكاف، سواء أخرج لتبرز أم لغيره، لأن ما مضى عبادة تامة وهو يريد اعتكافا جديدا. فإن عزم على العود كانت هذه العزيمة قائمة مقام النية كما قاله في التتمة وصوبه في المجموع. فإن قيل: اقتران النية بأول العبادة شرط، فكيف يكتفي بعزيمة سابقة؟ أجيب بأن نية الزيادة وجدت قبل الخروج فصار كمن نوى المدتين بنية واحدة، كما قالوه فيمن نوى ركعتين نفلا مطلقا ثم نوى قبل السلام زيادة فإنه يصح. (ولو نوى مدة) أي اعتكافها كيوم أو شهر تطوعا، أو كان قد نذر أياما غير معينة ولم يشترط فيها التتابع ثم دخل المسجد بقصد وفاء نذره (فخرج) منه (فيها) أي المدة (وعاد) إليه، (فإن خرج) منه (لغير قضاء الحاجة) من البول أو الغائط (لزمه الاستئناف)
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532