مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٥٧
نقصان الشهر، فيكون ذلك اليوم داخلا في نذره لكونه أول العشرة من آخر الشهر. فلو فعل هذا ثم بان النقص قطع البغوي بإجزائه عن قضاء يوم، وقال في المجموع: يحتمل أن يكون فيه الخلاف فيمن تيقن طهرا وشك في ضده فتوضأ محتاطا فبان محدثا، أي فلا يجزئه، وهذا هو الظاهر. (وإذا ذكر) الناذر (التتابع) في نذره لفظا (وشرط الخروج لعارض) مباح مقصود غير مناف للاعتكاف، (صح الشرط في الأظهر) وبه قطع الجمهور، لأن الاعتكاف إنما لزم بالتزامه فيجب بحسب ما التزمه، فإن شرطه لخاص من الأغراض كعيادة المرضى خرج له دون غيره وإن كان غيره أهم منه، أو عام كشغل يعرض له خرج لكل مهم ديني كالجمعة والجماعة أو دنيوي مباح كلقاء السلطان والقاضي واقتضاء الغريم، والثاني:
يلغو الشرط لمخالفته لمقتضى التتابع. وخرج بقوله: شرط الخروج لعارض ما لو شرط قطع الاعتكاف له، فإنه وإن صح لكنه لا يجب عليه العود عند زوال العارض، بخلاف ما لو شرط الخروج للعارض فإنه يجب العود. وبقوله: لعارض ما لو قال:
إلا أن يبدو لي، فإن الشرط باطل على الأصح لأنه علقه بمجرد الخيرة وذلك يناقض الالتزام، وكذا النذر كما قاله البغوي، وهو الأشبه في الشرح الصغير، ولم يصرحا في الروضة، وأصلها بترجيح، وبقولي مباح ما لو شرطه لعارض محرم كسرقة، وبمقصود ما لو شرطه لغير مقصود كنزهة، وبغير مناف للاعتكاف ما لو شرطه لمناف له كالجماع، كأن قال: إن اخترت جامعت أو إن اتفق لي جماع جامعت فإنه لا ينعقد نذره كما صرحوا به في المحرم والجماع، ومثلهما البقية. وقد علم مما ذكر ما في عبارة المصنف من الاجحاف. (والزمان المصروف إليه) أي العارض المذكور، (لا يجب تداركه إن عين المدة كهذا الشهر) لأن المنذور من الشهر إنما هو اعتكاف ما عدا العارض. (وإلا) بأن لم يعين مدة كشهر مطلق، (فيجب) تداركه، أي الزمن المصروف للعارض لتتم المدة الملتزمة، وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك العارض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به. (وينقطع التتابع) أيضا (بالخروج) من المسجد بكل بدنه، أو بما اعتمد عليه من الرجلين أو اليدين أو الرأس قائما أو منحنيا أو من العجز قاعدا، أو من الجنب مضطجعا، (بلا عذر) من الاعذار الآتية، وإن قل زمنه لمنافاته اللبث، لأنه في مدة الخروج المذكور غير معتكف، وهذا في العامد العام بالتحريم المختار. (ولا يضر) في تتابع الاعتكاف (إخراج بعض الأعضاء) من المسجد كرأسه أو يده، لأنه لا يسمى خارجا، ففي الصحيحين: أنه (ص) كان يدني رأسه إلى عائشة فترجله، أي تسرحه وهو معتكف في المسجد. ولو أخرج إحدى رجليه واعتمد عليهما لم يضر لأن الأصل عدم الخروج، فإن أخرجهما واعتمد عليهما ضر وإن كان رأسه داخلا. (ولا) يضر (الخروج لقضاء الحاجة) بالاجماع، لأنه ضروري ولو كثر لعارض ولا يشترط فيها لضرورة، وإذا خرج لا يكلف الاسراع بل يمشي على سجيته. فلو تأتى أكثر من ذلك بطل كما في زيادة الروضة عن البحر. ويجوز له أن يتوضأ بعد قضائها خارج المسجد تبعا لها مع أنه لا يجوز الخروج له منفردا إن كان تجديدا، وكذا عن حدث على الأصح إذا أمكنه في المسجد.
تنبيه: اقتصار المصنف على قضاء الحاجة قد يوهم أنه لا يجوز له الخروج لغيرها وليس مرادا، بل يجوز لغسل الجنابة وإزالة النجاسة كرعاف، وكذا الاكل على الأصح، لأن الاكل في المسجد يستحيا منه وإن أمكنه الاكل فيه كما مر بخلاف الشرب إذا وجد الماء فيه. ويؤخذ من العلة أن الكلام في مسجد مطروق بخلاف المختص لمنفعتها ولو مستعارة والمهجور، وبه صرح الأذرعي وهو ظاهر. فإن خرج للشرب مع وجود الماء في المسجد أو لتجديد وضوء انقطع تتابعه، والظاهر كما قال شيخنا أن الوضوء المندوب لغسل الاحتلام مغتفر كالتثليث في الوضوء الواجب. (ولا يجب فعلها في غير داره) المستحق لمنفعتها ولو مستعارة، كسقاية المسجد ودار صديق له بجوار المسجد، لما في ذلك من المشقة وخرم المروءة، وتزيد دار الصديق بالمنة بها. نعم من لا يحتشم من السقاية يكلفها كما صرح به القاضي حسين،
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532