مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦٩
التأخير لا التفويت. وإنما لم يأت إذا مات في أثناء وقت الصلاة في وقت يسعها لأن آخر وقتها معلوم فلا تقصير ما لم يؤخره عنه، والإباحة في الحج بشرط المبادرة قبل الموت. وإذا مات قبل فعله أشعر الحال بالتقصير، واعتبار إمكان الرمي نقله في الروضة عن التهذيب وأقره. قال الأسنوي: ولا بد من زمن يسع الحلق أو التقصير بناء على أنه ركن، ويعتبر الامن في السير إلى مكة للطواف ليلا اه‍. ولو تمكن من الحج سنين فلم يحج ثم مات أو عضب فعصيانه من السنة الأخيرة من سني الامكان لجواز التأخير إليها، فيتبين بعد موته أو عضبه فسقه في السنة الأخيرة بل وفيما بعدها في المعضوب، أي إن لم يحج عنه فلا يحكم بشهادته بعد ذلك. وينقض ما شهد به في السنة الأخيرة، بل وفيما بعدها في المعضوب إلى ما ذكر، كما في نقض الحكم بشهود بان فسقهم. فإن حج عنه الوارث بنفسه أو باستئجار سقط الحج عن الميت، ولو فعله الأجنبي جاز ولو بلا إذن، كما له أن يقضي دينه بلا إذن، ذكر ذلك في المجموع. بخلاف الصوم فلا بد فيه من إذن كما مر، لأنه عبادة بدنية محضة بخلاف الحج، فإن لم يخلف تركة لم يجب على أحد أن يحج عنه لا على الوارث ولا في بيت المال. فإن لم يتمكن من الأداء بعد الوجوب كأن مات أو جن أو تلف ماله قبل حج الناس لم يقض من تركته على الأصح، والعمرة في ذلك كله كالحج. فإن قيل: يستثنى من إطلاق المصنف ما لو لزمه الحج ثم ارتد ومات مرتدا، فإنه لا يقضي من تركته على الصحيح أو الصواب، لأنه لو صح لوقع عنه. أجيب بأن ذلك خرج بقوله: من تركته لأنه إذا مات على الردة لا تركة له على الأظهر، لأنه تبين زوال ملكه بالردة. (والمعضوب) بضاد معجمة من العضب وهو القطع، كأنه قطع عن كمال الحركة، وبصاد مهملة كأنه قطع عصبه. ووصفه المصنف بقوله: (العاجز عن الحج بنفسه) حالا أو مآلا لكبر أو زمانة أو غير ذلك. وهذه الصفة صفة كاشفة في معنى التفسير للمعضوب، وليست خبرا له بل الخبر جملتا الشرط والجزاء في قوله: (إن وجد أجرة من يحج عنه بأجرة المثل) أي مثل مباشرته، أي فما دونها. (لزمه) الحج بها لأنه مستطيع بغيره، لأن الاستطاعة كما تكون بالنفس تكون ببذل المال وطاعة الرجال، ولهذا يقال لمن لا يحسن البناء: إنك مستطيع بناء دارك، إذا كان معه ما يفي ببنائها. وإذا صدق عليه أنه مستطيع وجب عليه الحج للآية، وفي الصحيحين: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله تعالى على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم وذلك في حجة الوداع. نعم إن كان بمكة أو بينه وبينها دون مسافة القصر لزمه أن يحج بنفسه لقلة المشقة عليه، نقله في المجموع عن المتولي وأقره. قال السبكي: ولك أن تقول إنه قد لا يمكنه الاتيان به فيضطر إلى الاستنابة اه‍. وهذا ظاهر.
تنبيه: لو لم يجد إلا أجرة ماش، قيل: لا يلزمه الاستئجار إذا كان السفر طويلا كما لا يكلف الخروج ماشيا، والأصح اللزوم لأنه لا مشقة عليه في مشي غيره إلا إذا كان أصلا أو فرعا كما يؤخذ مما سيأتي في المطاع. وكلام المصنف قد يفهم أن المعضوب لو استأجر من يحج عنه فحج عنه ثم شفي أنه يجزئه، والأصح عدم الاجزاء، ولا يقع الحج عنه على الأظهر فلا يستحق الأجير الأجرة كما رجحاه هنا وإن رجحا قبله بيسير أنه يستحق، فقد قال في المهمات: إن المذكور هنا هو الصواب. (ويشترط كونها) أي الأجرة السابقة، (فاضلة عن الحاجات المذكورة فيمن حج بنفسه) وتقدم بيانها. (لكن لا يشترط نفقة العيال) ولا غيرها من مؤنهم، (ذهابا وإيابا) لأنه إذا لم يفارق أهله يمكنه تحصيل نفقتهم ونفقته كنفقتهم، كما حكاه ابن الرفعة عن البندنيجي وأقره. نعم يشترط كون الأجرة فاضلة عن مؤنتها من نفقة وكسوة وغير ذلك، وعن مؤنته يوم الاستئجار، ولو عبر بالمؤنة بدل النفقة لكان أولى ليشمل ما زدته. (ولو) وجد دون الأجرة ورضي به أجير لزمه الاستئجار لأنه مستطيع، والمنة فيه ليست كالمنة في المال. فلو لم يجد أجرة و (بذل) - بالمعجمة - أي أعطى له - (ولده أو أجنبي مالا للأجرة لم يجب قبوله في الأصح) لما في قبول المال من المنة، والثاني: يجب، كبذل الطاعة. والخلاف
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532