مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٧٠
في الأجنبي مرتب على الخلاف في الابن، وأولى بأن لا يجب، قاله في البيان. والأب كالابن في أصح احتمالين للامام، والاحتمال الآخر أنه كالأجنبي. وعلى الأول لو كان الولد المطيع عاجزا عن الحج أيضا وقدر على أن يستأجر له من يحج وبذل له ذلك وجب على المبذول له كما نقله في الكفاية عن البندنيجي وجماعة. وفي المجموع عن تصحيح المتولي:
لو استأجر المطيع إنسانا للحج عن المطاع والمعضوب، فالمذهب لزومه إن كان المطيع ولدا لتمكنه، فإن كان المطيع أجنبيا ففيه وجهان اه‍. ومقتضى كلام الشيخ أبي حامد لزومه، وكلام البغوي عدم لزومه، وهو الظاهر كما اعتمده الأذرعي وكلام المصنف يقتضيه. وكالولد في هذا الوالد. (ولو بذل الولد) وإن سفل ذكرا كان أو أنثى، (الطاعة) في النسك بنفسه، (وجب قبوله) وهو الاذن له في ذلك، لأن المنة في ذلك ليست كالمنة في المال لحصول الاستطاعة، فإن امتنع لم بأذن الحاكم عنه على الأصح لأن الحج مبني على التراخي. (وكذا الأجنبي) لو بذل الطاعة يجب قبوله (في الأصح) لما ذكر. والأب والام في بذل الطاعة كالأجنبي، ومحل اللزوم إذا وثق بهم ولم يكن عليهم حج ولو نذرا، وكانوا ممن يصح منهم فرض حجة الاسلام ولم يكونوا معضوبين. ولو توسم الطاعة من واحد منهم لزمه أمره كما يقتضيه كلام الأنوار وغيره، ولا يلزم الولد طاعته كما في المجموع بخلاف إعفافه لأنه لا ضرر هنا على الوالد بامتناع ولده من الحج لأنه حق للشرع فإذا عجز عنه لا يأثم ولا يجب عليه بخلافه، ثم فإنه لحق الوالد وضرره عليه فهو كالنفقة، قاله في المجموع. ولو كان الابن وإن سفل أو الأب وإن علا ماشيا أو كان كل منهما، ومن الأجنبي معولا على الكسب أو السؤال، ولو راكبا، أو كان كل منهما مغرورا بنفسه بأن كان يركب مفازة ليس فيها كسب ولا سؤال، لم يلزمه قبول في ذلك لمشقة مشي من ذكر عليه بخلاف مشي الأجنبي. والكسب قد ينقطع والسائل قد يرد والتغرير بالنفس حرام. وتقدم أن القادر على المشي والكسب في يوم كفاية أيام لا يعذر في السفر القصير، فينبغي كما قال الأذرعي وجوب القبول في المكي ونحوه. ولو رجع المطيع ولو بعد الاذن له عن طاعته قبل إحرامه جاز لأنه متبرع بشئ لم يتصل به الشروع، أو بعده فلا لانتفاء ذلك وإذا رجع في الأولى قبل أن يحج أهل بلده تبينا أنه لم يجب على المطاع. ولو امتنع المعضوب من الاستئجار لمن يحج عنه أو من استنابة المطيع لم يلزمه الحاكم بذلك ولم ينب عنه فيه، وإن كان الاستئجار والاستنابة واجبين على الفور في حق من عضب مطلقا في الإنابة وبعد يساره في الاستئجار، لأن مبنى الحج على التراخي كما مر، ولأنه لا حق فيه للغير بخلاف الزكاة.
ولو مات المطيع أو رجع عن الطاعة أو مات المطاع، فإن كان بعد إمكان الحج استقر الوجوب في ذمة المطاع وإلا فلا، ولو كان له مال أو مطيع ولم يعلم بالمال ولا بطاعة المطيع ثم علم بذلك وجب عليه الحج اعتبارا بما نفس الامر. وتجوز النيابة في حج التطوع وعمرته كما في النيابة عن الميت إذا أوصى بذلك، ويجوز أن يحج عنه بالنفقة وهي قدر الكفاية كما يجوز بالإجارة والجعالة، وإن استأجر بها لم يصح لجهالة العوض. ولو قال المعضوب: من يحج عني فله مائة درهم، فمن حج عنه ممن سمعه أو سمع من أخبر عنها استحقها، فإن أحرم عنه اثنان مرتبا استحقها الأول، فإن أحرما معا أو جهل السابق منهما مع جهل سبقه أو بدونه وقع حجهما عنهما ولا شئ لهما على القائل إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر، ولو علم سبق أحدهما ثم نسي فقياس نظائره ترجيح الوقف. ولو كان العوض مجهولا كأن قال: من حج عني فله ثوب، وقع الحج عنه بأجرة المثل.
خاتمة: الاستئجار فيما ذكر ضربان: استئجار عين، واستئجار ذمة، فالأول ك‍ استأجرتك لتحج عني أو عن ميتي هذه السنة، فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد، وإن أطلق صح وحمل على السنة الحاضرة، فإن كان لا يصل إلى مكة إلا لسنتين فأكثر، فالأولى من سني إمكان الوصول. ويشترط لصحة العقد قدرة الأجير على الشروع في العمل واتساع المدة له، والمكي ونحوه يستأجر في أشهر الحج. الضرب الثاني: كقوله ألزمت ذمتك تحصيل حجة، ويجوز الاستئجار في هذا الضرب على المستقبل، فإن أطلق حمل على الحاضرة فيبطل إن ضاق الوقت، ولا يشترط قدرته على السفر لامكان الاستنابة في إجارة الذمة. ولو قال ألزمت ذمتك لتحج عني بنفسك صح، ويكون إجارة عين. ويشترط
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532