مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٢٣
كما قاله بعض المتأخرين، لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة إذ الكبير أرق قلبا والصغير لا ذنب عليه، ولقوله (ص):
وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم رواه البخاري، وروي بسند ضعيف: لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ونظم بعضهم ذلك فقال:
لولا عباد للاله ركع * وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع * صب عليكم العذاب الأوجع والمراد بالركع الذين انحنت ظهورهم من الكبر، وقيل من العبادة، ولو احتيج في حمل الصبيان ونحوهم إلى مؤنة حسبت من مالهم كما يؤخذ من كلام الأسنوي لأن الجدب عمهم. ويسن إخراج الأرقاء بإذن ساداتهم، (وكذا البهائم) يسن إخراجها (في الأصح) لأن الجدب قد أصابها أيضا، وفي الحديث: أن نبيا من الأنبياء خرج يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء، فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة رواه الدارقطني والحاكم وقال صحيح الاسناد، وفي البيان وغيره أن هذا النبي هو سليمان عليه الصلاة والسلام، وأن النملة وقعت على ظهرها ورفعت يديها، وقالت: اللهم أنت خلقتنا فإن رزقتنا وإلا فأهلكنا. قال: وروي أنها قالت: اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم. والثاني: لا يسن إخراجها ولا يكره لأنه لم ينقل. والثالث: يكره إخراجها، ونقله في المجموع عن الجمهور لأن فيه إتعابها واشتغال الناس بها وبأصواتها، والثاني: عن نص الام مع تصحيحه ك الرافعي وغيره الأول، أي وهو المعتمد. وتقف معزولة عن الناس، ويفرق بين الأمهات والأولاد حتى تكثر الصياح والضجة والرقة فيكون أقرب إلى الإجابة، نقله الأذرعي عن جمع المراوزة وأقره. (ولا يمنع أهل الذمة الحضور) لأنهم يسترزقون، وفضل الله واسع، وقد يجيبهم استدراجا وطمعا في الدنيا، قال تعالى: * (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) *. (ولا يختلطون) أهل الذمة ولا غيرهم من سائر الكفار (بنا) في مصلانا ولا عند الخروج، أي يكره ذلك، بل يتميزون عنا في مكان لأنهم أعداء الله تعالى إذ قد يحل بهم عذاب بكفرهم فيصيبنا، قال تعالى: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *.
ولا يجوز أن يؤمن على دعائهم كما قاله الروياني لأن دعاء الكافر غير مقبول. ومنهم من قال: يستجاب لهم كما استجيب دعاء إبليس بالانظار. وقد يقال: لم يستجب له لأنه طلب الانظار إلى يوم البعث فلم يجب إلى ذلك، وإنما أنظره الله تعالى إلى يوم الوقت المعلوم. ويكره إخراجهم للاستسقاء لأنهم ربما كانوا سبب القحط، وفي الروضة: يكره أيضا خروجهم. قال الشافعي: لكن ينبغي للامام أن يحرص على أن يكون خروجهم في غير يوم خروجنا لئلا تقع المساواة والمضاهاة في ذلك اه‍. فإن قيل: قد يخرجون وحدهم فيسقون فيظن ضعفة المسلمين بهم خيرا. أجيب بأن خروجهم معنا فيه مفسدة محققة فقدمت على المفسدة المتوهمة، قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في الجامع الكبير: ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من خروج كبارهم لأن ذنوبهم أقل، لكن يكره لكفرهم. قال المصنف: وهذا يقتضي كفر أطفال الكفار. وقد اختلف العلماء فيهم إذا ماتوا، فقال الأكثر: إنهم في النار، وطائفة: لا نعلم حكمهم، والمحققون:
إنهم في الجنة، وهو الصحيح المختار لأنهم غير مكلفين وولدوا على الفطرة. وتحرير هذا كما قال شيخنا وغيره أنهم في أحكام الدنيا كفار، أي فلا نصلي عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين وفي الآخرة مسلمون فيدخلون الجنة. ويسن لكل واحد ممن يستسقي أن يستشفع بما فعله من خير بأن يذكره في نفسه فيجعله شافعا لأن ذلك لائق بالشدائد كما في خبر الثلاثة الذين أووا في الغار، وأن يستشفع بأهل الصلاح، لأن دعاءهم أرجى للإجابة، لا سيما أقارب النبي (ص) كما استشفع عمر رضي الله تعالى عنه بالعباس رضي الله تعالى عنه عم النبي (ص) فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا محمد فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون، رواه البخاري. (وهي ركعتان) للاتباع رواه الشيخان، (كالعيد) أي كصلاته في كيفيتها من التكبير بعد الافتتاح قبل التعوذ والقراءة سبعا في الأولى وخمسا في الثانية يرفع يديه ووقوفه بين كل تكبيرتين كآية معتدلة، والقراءة في الأولى جهرا بسورة ق، وفي الثانية اقتربت في
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532