مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٢٠
غيرها ولو نذرا، (قدم الفرض) جمعة أو غيرها، لأن فعله متحتم فكان أهم. هذا (إن خيف فوته) لضيق وقته، ففي الجمعة يخطب لها ثم يصليها، ثم الكسوف إن بقي أو بعضه ثم يخطب له، وفي غير الجمعة يصلي الفرض ثم يفعل بالكسوف ما مر. (وإلا) بأن لم يخف فوت الفرض (فالأظهر) كذا في الروضة وأصلها، وفي المجموع: الصحيح، وبه قال الأكثرون وقطعوا به. (تقديم) صلاة (الكسوف) لتعرضها للفوات بالانجلاء، ويخففها كما في المجموع، فيقرأ في كل قيام بالفاتحة ونحو سورة الاخلاص كما نص عليه في الام. (ثم يخطب للجمعة) في صورتها (متعرضا للكسوف) ولا يصح أن يقصده معها بالخطبة لأنه تشريك بين فرض ونفل مقصود وهو ممتنع. فإن قيل: ما يحصل ضمنا لا يضر ذكره كما لو ضم تحية المسجد إلى الفرض. أجيب بأن خطبة الجمعة لا تتضمن خطبة الكسوف، لأنه إن لم يتعرض للكسوف لم تكف الخطبة عنه. (ثم يصلي الجمعة) ولا يحتاج إلى أربع خطب لأن خطبة الكسوف متأخرة عن صلاته والجمعة بالعكس، والعيد مع الكسوف كالفرض معه لأن العيد أفضل منه كما نقله في المجموع عن الشافعي والأصحاب. لكن يجوز أن يقصدهما معا بالخطبتين لأنهما سنتان والقصد منهما واحد. فإن قيل: السنتان إن لم تتداخلا لا يصح أن ينويهما، ولهذا لو نوى بركعتين الضحى وقضاء سنة الصبح لم تنعقد صلاته. أجيب بأن الخطبتين تابعتان للمقصود فلا تضر نيتهما بخلاف الصلاة. (ولو اجتمع عيد) وجنازة (أو كسوف وجنازة قدمت الجنازة) فيهما خوفا من تغيير الميت، ولا يشيعها الامام بل يشتغل ببقية الصلوات. هذا إن حضرت وحضر الولي، فإن لم تحضر أو حضرت ولم يحضر الولي أفرد الامام لها من ينتظرها واشتغل هو بغيرها بالباقين. وقد تفهم عبارته أنه إذا اجتمع مع الجنازة فرد أنه مقدم، وليس مرادا بل تقدم الجنازة أيضا ولو جمعة، لكن بشرط اتساع وقت الفرض فإن ضاق وقته قدم. قال السبكي: وقد أطلق الأصحاب تقديم الجنازة على الجمعة في أول الوقت ولم يبينوا هل ذلك على سبيل الوجوب أو الندب، وتعليلهم يقتضي الوجوب، أي إذا خيف لغيره. قال: وقد جرت عادة الناس في هذا الزمان بتأخير الجنائز إلى بعد الجمعة، فينبغي التحذير عن ذلك. وقد حكى ابن الرفعة أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام لما ولي الخطابة بجامع مصر كان يصلي على الجنازة قبل الجمعة ويفتي الحمالين وأهل الميت بسقوط الجمعة عنهم ليذهبوا بها، ولو اجتمع عليه خسوف ووتر أو تراويح قدم الخسوف وإن خيف فوت الوتر أو التراويح لأنه آكد. واعترضت طائفة على قول الشافعي رضي الله عنه: اجتمع عيد وكسوف، بأن العيد إما الأول من الشهر أو العاشر والكسوف لا يقع إلا في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين.
وأجاب الأصحاب عن ذلك بأجوبة: الأول أن هذا قول المنجمين ولا عبرة به، والله على كل شئ قدير. وقد صح أن الشمس كسفت يوم مات سيدنا إبراهيم ابن النبي (ص)، وفي أنساب الزبير بن بكار أنه مات عاشر ربيع الأول، وروي البيهقي مثله عن الواقدي. وكذا اشتهر أنها كسفت يوم قتل الحسين، وأنه قتل يوم عاشوراء. الثاني: سلمنا أنها لا تنكسف إلا في ذلك. فقد يتصور أن تنكسف فيه بأن يشهد شاهدان بنقص رجب وشعبان ورمضان وكانت في الحقيقة كاملة، فتنكسف في يوم عيدنا وهو الثامن والعشرون في نفس الامر، ولا يبطل بالكسوف ما ثبت بالبينة الشرعية. الثالث: أن الفقيه قد يصور ما لا يقع ليتدرب باستخراج الفروع الدقيقة.
خاتمة: يندب لغير ذوات الهيئات حضورها مع الجماعة كالعيد وغيرهن يصلين في البيوت كما مرت الإشارة إليه ولكن لا يخطبن، فإن وعظتهن امرأة فلا بأس. والخناثى في الحضور وعدمه كالنساء. ويسن لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلازل ونحوها كالصواعق والريح الشديدة والخسف، وأن يصلي في بيته منفردا كما قاله ابن المقري لئلا يكون غافلا، لأنه (ص) كان إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به. قيل: إن الرياح أربع: التي من تجاه الكعبة الصبا، ومن ورائها الدبور، ومن جهة يمينها الجنوب، ومن شمالها الشمال. ولكل منها طبع، فالصبا حارة يابسة، والدبور باردة
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532