مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣١٩
والسنن فيأتي فيها هنا ما مر في خطبة العيد، وإنما تسن الخطبة للجماعة ولو مسافرين بخلاف المنفرد. وعلم من كلامه أنه لا يكبر في الخطبة. وهو كذلك لعدم وروده، وأنه لا تجزئ خطبة واحدة وهو كذلك للاتباع. وما فهمه ابن الرفعة من كلام حكاه البندنيجي عن البويطي وتبعه عليه جماعة مردود كما نبه عليه جماعة بأن عبارة البويطي لا تفهم ذلك. (ويحث) فيهما السامعين (على التوبة من) الذنوب (و) على فعل (الخير) كصدقة ودعاء واستغفار وعتق للامر بذلك في البخاري وغيره، ويحذرهم الاغترار والغفلة، ويذكر في كل وقت من الحث والزجر ما يناسبه. ويستثنى من استحباب الخطبة كما قاله الأذرعي أنه إذا صلى الكسوف ببلد وكان به وال لا يخطب الامام إلا إذا كان بأمر الوالي وإلا فيكره، وذكر مثله في صلاة الاستسقاء. وتقدم في الجمعة أنه يسن الغسل لصلاة الكسوف، وأما التنظف بحلق الشعر وقلم الظفر فلا يسن لها كما صرح به بعض فقهاء اليمن فإنه يضيق الوقت. ويظهر أنه يخرج في ثياب بذلة قياسا على الاستسقاء لأنه اللائق بالحال، ولم أر من تعرض له. (ومن أدرك) الامام (في ركوع أول) من الركعة الأولى أو الثانية (أدرك الركعة) كما في سائر الصلوات، (أو) أدركه (في) ركوع (ثان أو) في (قيام ثان) من أي ركعة (فلا) يدرك الركعة، أي شيئا منها كما عبر به في المحرر، (في الأظهر) لأن الأصل هو الركوع الأول، وقيامه وركوع الثاني وقيامه في حكم التابع، وعبر في الروضة بالمذهب، ولقول الثاني يدرك ما لحق به الامام، ويدرك بالركوع القومة التي قبله، فإذا كان ذلك في الركعة الأولى وسلم الامام قام هو وقرأ وركع واعتدل وجلس وتشهد وسلم أو في الثانية وسلم الامام قام وقرأ وركع ثم أتى بالركعة الثانية بركوعها. ولا يفهم هذا المقابل من إطلاق المتن، بل يفهم منه أنه يدرك الركعة بكمالها، وليس مرادا إذ لا خلاف أنه يدرك الركعة بجملتها، ويندفع هذا بما قدرته تبعا للمحرر. وضعف هذا القول الثاني بأن الاتيان فيه بقيام وركوع من غير سجود مخالف لنظم الصلاة. (وتفوت صلاة) كسوف (الشمس بالانجلاء) لجميع المنكسف من كلها أو بعضها يقينا، لخبر: إذا رأيتم ذلك - أي الكسوف - فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف ما بكم فدل على عدم الصلاة بعد ذلك، ولان المقصود بالصلاة قد حصل بخلاف الخطبة فإنها لا تفوت إذ القصد بها الوعظ وهو لا يفوت بذلك، فلو انجلى بعض ما كسف كان له الشروع في الصلاة للباقي كما لو لم يكسف منها إلا ذلك القدر. ولو انجلى الجميع وهو في أثناء الصلاة أتمها سواء أدرك ركعة أم دونها إلا أنها لا توصف بأداء ولا قضاء. ولو حال سحاب وشك في الانجلاء أو الكسوف لم يؤثر، قال ابن عبد السلام: ولو شرع فيها ظانا بقاءه ثم تبين أنه كان انجلى قبل تحرمه بها بطلت. ولا تنعقد نفلا على قول، إذ ليس لنا نفل على هيئة صلاة الكسوف فتندرج في نيته، ولو قال المنجمون انجلت أو انكسفت لم نعتبرهم فنصلي في الأول لأن الأصل بقاء الكسوف دون الثاني، لأن الأصل عدمه، وقول المنجمين تخمين لا يفيد اليقين.
(و) تفوت أيضا (بغروبها كاسفة) لأن الانتفاع بها يبطل بغروبها نيرة أو مكسوفة لزوال سلطانها، (و) تفوت أيضا صلاة كسوف (القمر بالانجلاء) لحصول المقصود (وطلوع الشمس) وهو منخسف لعدم الانتفاع حينئذ بضوئه، (لا) بطلوع (الفجر) فلا تفوت صلاة خسوفه (في الجديد) لبقاء ظلمة الليل والانتفاع به، وعلى هذا لا يضر طلوع الشمس في صلاته كالانجلاء. والقديم: تفوت لذهاب الليل وهو سلطانه. (ولا) تفوت صلاته أيضا (بغروبه) أي القمر (خاسفا) لبقاء محل سلطنته وهو الليل، فغروبه كغيبوبته تحت السحاب خاسفا. فإن قيل: قال ابن الأستاذ: قد اتفق عليه الأئمة وهو مشكل لأنه قد تم سلطانه في هذه الليلة. أجيب بأنا لا ننظر إلى ليلة بخصوصها، بل ننظر إلى سلطانه وهو الليل وما ألحق به كما أنا ننظر إلى سلطان الشمس وهو النهار، ولا ننظر فيه إلى غيم ولا إلى غيره. (ولو اجتمع) عليه صلاتان فأكثر ولا يؤمن الفوات قدم الأخوف فواتا ثم الآكد، فعلى هذا لو اجتمع عليه (كسوف وجمعة أو فرض آخر)
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532