مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٨
لبس الحرير إلا موضع إصبع أو إصبعين أو ثلاث أو أربع. ولو كثرت محالها بحيث يزيد الحرير على غيره حرم وإلا فلا خلافا لما نقله الزركشي عن الحليمي من أنه لا يزيد على طرازين كل طراز على كم، وأن كل طراز لا يزيد على إصبعين ليكون مجموعهما أربع أصابع، والتطريز أن يركب على الثوب طراز كله من حرير، أما المطرز بالإبرة فالأقرب كما قال السبكي أنه كالمنسوج حتى يكون مع الثوب كالمركب من حرير وغيره لا كالطراز المذكور وإن قال الأذرعي إنه مثله.
ويحل حشو جبة أو نحوها به كالمخدة، لأن الحشو ليس ثوبا منسوجا ولا يعد صاحبه لابس حرير، وبهذا فارق تحريم البطانة فإنه يحرم عليه أن يجعل بطانة الجبة أو نحوها حريرا. (أو) يحل ما (طرف بحرير قدر العادة) بأن يجعل طرف ثوبه مسجفا بالحرير بقدر العادة لخبر مسلم عن أسماء بنت أبي بكر أنه (ص) كان له جبة يلبسها لها لبنة من ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج واللبنة بكسر اللام وسكون الباء: رقعة في جيب القميص أي طوقه، والمكفوف الذي جعل له كفة بضم الكاف أي سجاف. أما ما جاوز العادة فيحرم، وفرق بين هذا وبين اعتبار أربع أصابع فيما مر بأن التطريف محل حاجة وقد تمس الحاجة للزيادة على الأربع، بخلافه فيما مر فإنه محل زينة فيتقيد بالأربع، وإن كان ظاهر عبارة المصنف التسوية بين المطرز والمطرف. قال ابن عبد السلام: وكالتطريف طرفا العمامة إذا كان كل منهما قدر شبر، وفرق بين كل أربع أصابع مقدار قلم من كتان أو قطن. قال الغزي: وهذا بناء منه على اعتبار العادة فيه اه‍.
فإن جرت العادة على خلافه اعتبرت، إذ العادة تختلف باختلاف الاشخاص والأزمان والأماكن. واحترز بقوله بحرير عن التطريز والتطريف بذهب أو فضة فإنه حرام وإن قل لكثرة الخيلاء فيه. ولو جعل بين البطانة والظهارة ثوبا حريرا أجاز لبسه كما هو ظاهر كلام الأئمة وإن قال الامام: فيه نظر، وتحل خياطة الثوب به ويحل لبسه ولا يجئ فيه تفصيل المضبب لأن الحرير أهون من الأواني. قال في المجموع: ويحل منه خيط السبحة. قال الزركشي: ويقاس به ليقة الدواة.
وقال الفوراني: ويجوز منه كيس المصحف للرجل. ولو فرش ثوب قطن مثلا فوق ثوب ديباج وجلس عليه جاز كما قاله القاضي حسين والبغوي، خلافا للقفال لأنه لا يعد مستعملا له، بخلاف ما لو تغطي به من فوق حائل لأنه مستعمل له. ويحرم على الرجل والخنثى المزعفر دون المعصفر كما قاله إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه، خلافا للبيهقي في قوله: الصواب تحريمه أيضا للأخبار الصحيحة التي لو بلغت الشافعي لقال بها، ومحل النهي عن المعصفر إذا صبغ بعد النسج لا قبله، وعليه يحمل اختلاف الأحاديث في ذلك. ولا يكره لمن ذكره مصبوغ بغير الزعفران والمعصفر سواء الأحمر والأصفر والأخضر وغيرها، سواء أصبغ قبل النسج أم بعده، وإن خالف فيما بعده بعض المتأخرين، إذ لم يرد في ذلك نهي. ويحل لبس الكتان والقطن والصوف ونحوها وإن كانت غالية الأثمان لأن نفاستها بالصنعة. ويكره تزيين البيوت لرجال وغيرهم حتى مشاهد الصلحاء والعلماء بالثياب لخبر مسلم: إن الله لم يأمرنا أن نلبس الجدران واللبن. ويحرم تزيينها بالحرير والصور لعموم الأخبار الواردة فيها، وكذا يحرم تزيين المساجد به كما هو قضية كلام الروض كأصله في باب زكاة الذهب والفضة وإن أفتى الغزالي بالجواز، نعم يجوز ستر الكعبة به، وينبغي جواز ستر قبره (ص) به كما جرت به العادة من غير نكير. (و) يحل (لبس الثوب النجس) أي المتنجس بدليل قوله بعد عطفا على المحرم: وكذا جلد الميتة في الأصح. (في غير الصلاة) المفروضة (ونحوها) كالطواف المفروض أو خطبة الجمعة إذا لم يتنجس بدنه بواسطة رطوبة، بخلاف لبسه في ذلك بعد الشروع فيه فيحرم سواء اتسع الوقت أم لا لقطعه الفرض، بخلاف النفل فإنه لا يحرم لجواز قطعه. أما إذا لبسه قبل إحرامه بنفل أو فرض موسع فالحرمة على من تلبسه بعبادة فاسدة لا على لبسه، فاستفد ذلك فإنه موضع مهم. وحيث جاز لبسه فالأقرب كما قال بعض المتأخرين أنه يحرم مكثه به في المسجد من غير حاجة إليه لأنه يجب تنزيه المسجد عن النجاسات. (لا جلد كلب وخنزير) فلا يحل لبس جلدهما، لأن الخنزير لا ينتفع به في حال حياته، وكذا الكلب إلا في اصطياد ونحوه، فبعد الموت أولى، وفرعهما وفرع أحدهما كذلك. (إلا لضرورة كفجأة
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532