مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣١٢
خطبتي الجمعة بسنن أخرى. (ويعلمهم) ندبا (في) كل عيد أحكامه، ففي عيد (الفطر) يعلمهم أحكام (الفطرة) بكسر الفاء كما في المجموع وبضمها كما قاله ابن الصلاح كابن أبي الدم، وهي من اصطلاح الفقهاء اسم لما يخرج، مولدة لا عربية، ولا معربة، وكأنها من الفطرة: أي الخلقة، فهي صدقة الخلفة. (وفي) عيد (الأضحى) يعلمهم أحكام (الأضحية) للاتباع في بعضها في خبر الصحيحين، ولان ذلك لائق بالحال. و (يفتتح) الخطبة (الأولى بتسع تكبيرات) ولاء إفرادا، (و) الخطبة (الثانية بسبع ولاء) إفرادا، تشبيها للخطبتين بصلاة العيد، فإن الركعة الأولى تشتمل على تسع تكبيرات فإن فيها سبع تكبيرات وتكبيرة الاحرام وتكبيرة الركوع، والركعة الثانية على سبع تكبيرات فإن فيها خمس تكبيرات وتكبيرة القيام وتكبيرة الركوع، والولاء سنة في التكبيرات وكذا الافراد. فلو تخلل ذكر بين كل تكبيرتين، أو قرن بين كل تكبيرتين جاز. والتكبيرات المذكورة مقدمة للخطبة لا منها وإن أوهمت عبارة المصنف أنها منها، لأن افتتاح الشئ قد يكون ببعض مقدماته التي ليست من نفسه. ويندب للنساء استماع الخطبتين. ويكره تركه. ومن دخل والخطيب يخطب، فإن كان في مسجد بدأ بالتحية، ثم بعد فراغ الخطبة يصلي فيه صلاة العيد، فلو صلى فيه بدل التحية العيد وهو أولى حصلا، لكن لو دخل وعليه مكتوبة يفعلها ويحصل بها التحية، أو في صحراء سن به الجلوس ليستمع إذ لا تحية وأخر الصلاة إلا إن خشي فوتها فيقدمها على الاستماع، وإذا أخرها فهو مخير بين أن يصليها في الصحراء وبين أن يصليها بغيرها إلا إن خشي الفوات بالتأخير. ويندب للامام بعد فراغه من الخطبة أن يعيدها لمن فاته سماعها ولو نساء للاتباع، رواه الشيخان.
فرع: قال أئمتنا: الخطب المشروعة عشر: خطبة الجمعة، والعيدين، والكسوفين، والاستسقاء، وأربع في الحج، وكلها بعد الصلاة إلا خطبتي الجمعة وعرفة فقبلها، وكل منها ثنتان إلا الثلاثة الباقية في الحج ففرادى. (ويندب الغسل) لعيد فطر أو أضحى قياسا على الجمعة. وظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين من يحضر الصلاة وبين غيره، وهو كذلك لأنه يوم زينة فسن الغسل له بخلاف غسل الجمعة. (ويدخل وقته بنصف الليل) وإن كان المستحب فعله بعد الفجر لأن أهل السواد يبكرون إليها من قراهم، فلو لم يكف الغسل لها قبل الفجر لشق عليهم فعلق بالنصف الثاني لقربه من اليوم كما قيل في أذانه. وقيل: يجوز في جميع الليل. (وفي قول) يدخل وقته (بالفجر) كالجمعة. وفرق الأول بتأخير الصلاة هناك وتقديمها هنا. (و) يندب (الطيب) أي التطيب الذكر بأحسن ما يجد عنده من الطيب. فإن قيل: الطيب اسم ذات لا يتعلق به حكم. أجيب بأن المراد ما قدرته. (والتزين) بأحسن ثيابه وبإزالة الظفر والريح الكريهة، (كالجمعة) لكن الجمعة السنة فيها لبس البياض كما مر. ولا فرق في ذلك بين الخارج للصلاة وغيره كما مر في الغسل، نعم مريد الأضحية لا يزيل شعره ولا ظفره حتى يضحي كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الأضحية. أما الأنثى فيكره لذات الجمال والهيئة الحضور، ويسن لغيرها بإذن الزوج أو السيد، وتتنظف بالماء ولا تتطيب وتخرج في ثياب بذلتها. والخنثى في هذه كالأنثى، أما الأنثى القاعدة في بيتها فيسن لها ذلك.
تنبيه: لو حذف المصنف الطيب وقال: والتزين كالجمعة لكان أخصر لأنه في الجمعة أدخل الطيب في التزين.
(وفعلها) أي صلاة العيد، (بالمسجد) عند اتساعه كالمسجد الحرام، (أفضل) لشرف المسجد على غيره. (وقيل) فعلها (بالصحراء) أفضل لأنها أرفق بالراكب وغيره، (إلا لعذر) كمطر ونحوه فالمسجد أفضل. ومحل الخلاف غير المسجد الحرام، أما هو فهو أفضل قطعا اقتداء بالصحابة فمن بعدهم، والمعنى فيه فضيلة البقعة ومشاهدة الكعبة.
قال الرافعي: وألحق الصيدلاني بالمسجد الحرام بيت المقدس، قال الأذرعي: وهو الصواب للفضل والسعة المفرطة اه‍.
وهذا هو الظاهر وإن مال في المجموع إلى خلافه. وألحق ابن الأستاذ مسجد المدينة بمسجد مكة، وهو الظاهر أيضا لأنه
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532