الاحكام - ابن حزم - ج ٣ - الصفحة ٣٨٤
يخصموا منها بقياس لا يشبه ما أرادوا تشبيهه به، نعني هدي المتعة بهدي الجزاء فهلا إذ قاسوا هدي المتعة على هدي الجزاء قاسوا صيام الجزاء على صيام المتعة ولكن هذا في تناقضهم يسير جدا، وأيضا فلا إجماع في تحريم الاكل من جزاء الصيد، وقد روينا عن بعض التابعين إباحة الاكل منه.
قال علي: وقال بعضهم: كيف تتركون ظاهر القرآن الذي من أنكره أو شك فيه كفر، لخبر واحد لا تكفرون ما خالفكم فيه، ولا تفسقونه؟
قال علي: فيقال لهم: وبالله تعالى التوفيق: القطع على وجوب الائتمار لهما معا واحد بالدلائل التي قد ذكرناها في باب إثبات العمل بخبر الواحد من هذا الكتاب ، وكلاهم وحي من عند الله تعالى، والقطع في المراد منهما بالمغيب منهما معا إنما هو على حسب الظاهر منهما، وإنما يكفر من أنكر تنزيل القرآن أو تنزيل بعضه فقط، وأما إن أنكر الاخذ بظاهره، وتأول في آياته تأويلات لا يخرج بها عن الاجماع، فإننا لا نكفره ما لم تقم الحجة عليه، كما لا نكفر من خالفنا في قبول خبر الواحد ما لم تقم الحجة عليه، وكلا الامرين سواء، ولو أن امرأ يقول:
لا أقبل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان كافرا مشركا كمن أنكر القرآن أو شك فيه ولا فرق، وبالله تعالى التوفيق.
* (فصل من الكلام في العموم) * قال علي: وإذا ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل فعلا كذا نظرنا فإن كان عرضا منتهكا، أو دما مسفوحا، أو مالا مأخوذا، علمنا ذلك واجب لأنه عليه السلام حرم الدماء والأموال والاعراض جملة إلا بحق، فما أخذ عليه السلام من ذلك علمنا أنه فرض أخذه، وأنه مستثنى من التحريم المذكور، من ذلك جلد الشارب، وهمه عليه السلام بإحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة، وهو عليه السلام لا يهم إلا لحق واجب لو أصر عليه المهموم فيهم لأنفذه عليهم، لا يحل لاحد أن يظن غير ذلك، ومن قال: إنه عليه السلام يتوعد بما لا يفعل فقد نسب إليه الكذب وناسب ذلك إليه كافر، ومثل ذلك القضاء باليمين مع الشاهدين وغير ذلك كثير.
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست