الرابع: أن لمثل هذا التخريج العلمي علاقة وثقى بما اصطلحت على تسميته ب " التصفية "، وأعني بها أن النهضة الإسلامية المرجوة لا يمكن ان تقوم إلا على أساس تصفية الاسلام مما دخل فيه على مر القرون، ومن ذلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبخاصة ما كان منها في كتب الفقه، وقد أقيمت عليها أحكام شرعية، فإن تصفية هذه الكتب من تلك الأحاديث مع كونه واجبا دينيا، لكي لا يقول المسلم على نبيه (صلى الله عليه وسلم) ما لم يقله أو ما لا علم له به، فهو من أقوى الأسباب التي تساعد المسلمين المختلفين على التقارب الفكري، ونبذ التعصب المذهبي.
الخامس: أننا - بمثل هذا التخريج والتصفية - نسد الطريق على بعض المبتدعة الضالة الجهلة، الذين يحاربون الأحاديث النبوية وينكرون حجية السنة، ويزعمون أن الاسلام ليس هو إلا القرآن! ويسمون في بعض البلاد " القرآنيين ". وليسوا من القرآن في شئ (1).
ويلبسون على الجهال بقولهم: إن السنة غير محفوظة، وإن بعضها ينقض بعضا، ويأتون على ذلك ببعض الأمثلة، منها حديث: " خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء، يعني عائشة " (2) ثم يعارضون به قوله (صلى الله عليه وسلم) في النساء أنهن " ناقصات عقل ودين " (3) ويقولون: أنظروا كيف يصف النساء بالنقص في هذا الحديث ثم يأمر بأخذ شطر الدين من عائشة، وهي متهمة في النقص! فإذا ما علم المسلم المتبصر في دينه أن الحديث الأول موضوع مكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والحديث الآخر صحيح زال التعارض المزعوم أولا، لأنه لا يصح في عقل عاقل - غير مجنون - معارضة الحديث الصحيح بالموضوع، وانكشف تلبيسهم وجهلهم وضلالهم. ثم إذا رجع إلى الحديث الاخر الصحيح ثانيا وأخذه بتمامه من مصدره الموثوق به، يتبين له أن النقص المذكور ليس إطلاقه كما يتعمد الدجالون أن يوهموا الناس وإسقاطا منهم للسنة من قلوبهم زعموا، وإنما هو أن المرأة لا تصلي ولا تصوم وهي حائض، وأن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، كما جاء تفسيره في الحديث نفسه في " صحيح البخاري " وغيره. وهذا هو الشأن على الغالب بين