وأما إعادة غسل الرجلين فليس ذلك في الحديث صراحة، وإنما استنبط ذلك المؤلف تبعا لغيره من قول عائشة في أول حديثها: " توضأ وضوءه للصلاة " فإنه بظاهره يشمل غسل الرجلين أيضا ومن قولها في آخره: " ثم غسل سائر جسد ه. " فإنه يشمل غسلهما أيضا، بل قد جاء هذا صريحا في صحيح مسلم (1 / 174) بلفظ: " ثم أفاض عل سائر جسده، ثم غسل رجليه "، وله طريق أخرى عند الطيالسي في مسنده (رقم 1474) ونحوه في مسند أحمد (6 / 96)، نم وجدت ما يشهد للظاهر من أول حديثها، وهو ما أخرجه أحمد (6 / 237) من طريق الشعبي عنها قالت:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا اغتسل من الجنابة بدأ فتوضأ وضوءه الصلاة وغسل فرجه وقدميه الحديث ". لكن الشعبي لم يسمع من عائشة كما قال ابن معين والحاكم.
وأما حديث ميمونة فتقدم نصه من المؤلف (131) وذكرت من هناك أقرب الألفاظ إلى لفظه، وفيه " ثم تنحى فغسل رجليه "، وفي رواية للبخاري: " قالت: توضأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضوءه للصلاة غير رجليه ".
قلت: وهذا نص على جواز تأخير غسل الرجلين في الغسل، بخلاف حديث عائشة، ولعله (صلى الله عليه وسلم) كان يفعل الأمرين: تارة يغسل رجليه مع الوضوء فيه، وتارة يؤخر غسلهما إلى آخر الغسل. والله أعلم.
139 - (حديث أنس رضي الله عنه قال: " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد " متفق عليه). ص 41 صحيح. وقد أخرجاه. في " الصحيحين " عنه كما قال المؤلف، وأخرجه أحمد (6 / 21 1 و 133 و 216 و 219 و 234 و 239 و 249 و 280) من حديث عائشة دون قوله " إلى خمسة أمداد ". وقال الحافظ في شرح هذه الكلمة:
" أي كان ربما اقتصر على الصاع، وهو أربعة أمداد، وربما زاد عليها إلى