مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٧٢
على عقلها) قال: فوضع يده عليه صدرها، ودعا لها، فاسترجعت، وبكت، قال: ثم جاء صلى الله عليه وآله فقام عليه، وقد مثل به، فقال: (لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطيور وبطون السباع) (1).
واستشهد شاب من الأنصار يقال له: خلاد يوم بني قريظة، فجاءت أمه متنقبة فقيل لها: تتنقبين يا أم خلاد وقد رزئت بخلاد! فقالت: لئن كنت رزئت خلادا، فلم أرزأ حيائي (2)، فدعا له النبي صلى الله عليه وآله، وقال: (ان له أجرين، لأن أهل الكتاب قتلوه) (3).
وعن أنس بن مالك قال: لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة، فقالوا:
قتل محمد صلى الله عليه وآله، حتى كثرت الصوارخ في نواحي المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار متحزنة، فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها، لا أدري أيهم استقبلت أولا، فلما مرت على آخرهم قالت: من هذا؟ قالوا: أخوك، وأبوك، وزوجك، وابنك، قالت: ما فعل النبي صلى الله عليه وآله؟ قالوا: أمامك، فمشت حتى جاءت إليه، فأخذت بناحية ثوبه، وجعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب.
وروى البيهقي قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله بامرأة من بني دينار (4)، وقد أصيب زوجها وأبوها وأخوها معه صلى الله عليه وآله بأحد فلما نعوا إليها، قالت:
ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالوا: خيرا يا أم فلان، وهو يحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل (5).
وخرجت السمراء بنت قيس - أخت أبي حزام -، وقد أصيب ابناها، فغزاها النبي صلى الله عليه وآله بهما، فقالت: كل مصيبة بعدك جلل (6) والله لهذا

(١) المستدرك على الصحيحين ٣: ١٩٧.
(٢) في (د) و (ح): حبابه، وما أثبتناه من منتخب كنز العمال.
(٣) منتخب كنز العمال ١: ٢١٢ باختلاف في ألفاظه.
(٤) في (د): ذبيان، وفي (ح): دينارة، وفي هامش (ح): صباره، والظاهر كلها تصحيف، وصواب ما أثبتناه، وبنو دينار: بطن من بني النجار من الخزرج من الأنصار. انظر (معجم قبائل العرب ١:
٤٠١
).
(5) السيرة النبوية لابن هشام 3: 105، ورواه الواقدي في المغازي 1: 292 باختلاف في ألفاظه.
(6) الجلل: الأمر العظيم والهيت، وهو من الأضداد، والمراد هنا: كل مصيبة بعدك حينة، انظر (الصحاح جلل - 4: 1659).
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116