مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ١٩
وتحقيق هذا المرام مستوفى في باب العدل من علم الكلام.
وإذا كانت أفعاله - تعالى وتقدس - كلها لمصلحتهم، وما فيه تمام شرفهم، والموت من جملة ذلك كما نطق به الوحي الإلهي في عدة آيات، كقوله تعالى: ﴿وما كان لنفس إن تموت إلا بإذن الله كتابا موجلا﴾ (١) ﴿قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم﴾ (٢)، ﴿أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة﴾ (٣)، ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾ (4)، إلى غير ذلك من الآيات.
فلولا أن في ذلك غاية المصلحة، ونهاية الفائدة للعبد الضعيف الغافل عن مصلحته، التائه في حيرته وغفلته، لما فعله الله تعالى به، لما قد عرفت من أنه أرحم الراحمين، وأجود الأجودين، فإن حدثتك نفسك بخلاف ذلك فاعلم أنه الشرك الخفي، وإن أيقنته ولم تطمئن نفسك وتسكن روعتك فهو الحمق الجلي.
وإنما نشأ ذلك من الغفلة عن حكمة (الله تعالى) (5) في بريته، وحسن قضائه في خليقته، حتى أن العبد ليبتهل ويدعو الله تعالى أن يرحمه، ويجيب دعائه في أمثال ذلك، فيقول الله تعالى لملائكته: كيف أرحمه من شئ به أرحمه! فتدبر - رحمك الله تعالى - في هذه الكلمة الإلهية، تكفيك في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
الثاني: أنه إذا نظرت إلى أحوال الرسل عليهم السلام، وصدقتهم فيما أخبروا به من الأمور الدنيوية والأخروية، ووعدوا به من السعادة الأبدية، وعلمت أنهم إنما أتوا بما أتوا به عن الله جل جلاله، (واعتقدت أن قولهم) (6) معصوم عن الخطأ محفوظ من الغلط والهوى، وسمعت (7) ما وعدوا به من الثواب على أي نوع من أنواع المصاب (8) كما ستراه وتسمعه، سهل عليك موقعه، وعلمت أن لك في ذلك غاية الفائدة، وتمام السعادة الدائمة، وأنك قد أعددت لنفسك كنزا من الكنوز مذخورا (9)، بل حرزا ومعقلا وجنة

(١) آل عمران ٣: ١٤٥.
(٢) آل عمران ٣: ١٥٤.
(٣) النساء ٤: ٧٨.
(٤) الزمر ٣٩: 42.
(5) في نسخة (د) و (ش): أيضا.
(6) في نسخة (د) و (ش): وقولهم.
(7) في نسخة (د) (ش): وسمع.
(8) في نسخة (د) و (ح): المصائب.
(9) ليس في نسخة (ش) و (د).
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116