مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٦
السعادة التي خلقت لها. فيالها حسرة لا تفنى، وغبن لا يزول، إذا عاينت درجات السابقين، وأبصرت منازل المقربين، وأنت مقصر من الأعمال الصالحة، خلي من المتاجر الرابحة! فقس ذلك الألم على هذه الآلام، وادفع أصعبهما عليك وأضرهما لك: مع أنك تقدر على دفع سبب هذا، ولا تقدر على دفع سبب ذاك.
كما قال علي عليه السلام: (إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت مأجور، وإن جزعت (١) جرى عليك القضاء وأنت مأزور (٢)، فاغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، واجعل الموت نصب عينك، واستعد له بصالح العمل، ودع الاشتغال بغيرك، فإن الموت يأتي إليك دونه).
وتأمل قوله تعالى: ﴿وان ليس للانسان ألا ما سعى * وان سعيه سوف يرى﴾ (3) فقصر أملك، وأصلح (4) عملك، فإن السبب الأكثري الموجب للاهتمام بالأموال والأولاد طول الأمل.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه: إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من حياتك لموتك، ومن صحتك لسقمك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا) (5).
وقال علي عليه السلام: (إن أشد ما أخاف عليكم خصلتان: اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فإنه يعدل عن الحق، وأما طول الأمل فإنه يورث الحب للدنيا) (6).
ثم قال: (ألا إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض، وإذا أحب عبدا أعطاه الإيمان، ألا إن للدين أبناء، وللدنيا أبناء، فكونوا من أبناء الدين، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، ألا إن الدنيا قد ارتحلت مولية، ألا إن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، إلا وإنكم في

(١) في (ح): لم تصبر.
(٢) ورد في نهج البلاغة ٣: ٢٢٤ / ٢٩١.
(٣) النجم ٥٣: ٣٩ و ٤٠.
(٤) في هامش (ح): وأحسن.
(٥) رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر ١: ٢٧١، والشيخ الطوسي في أماليه ٢: ١٣٩، والديلمي في إرشاد القلوب: ١٨، وزكي الدين في الترغيب والترهيب ٤: ٢٤٣ / ١٧. باختلاف يسير.
(٦) ورد في نهج البلاغة ١: ٨٨ / 41، ورواه الديلمي عن النبي صلى الله عليه وآله في إرشاد القلوب: 21 باختلاف يسير.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116