مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ١١١
وعن جابر رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: (قال لي جبرئيل عليه السلام، يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه) (1).
وروي: أنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عابد عالم مجتهد، وكانت له امرأة، وكان بها معجبا، فماتت فوجد عليها وجدا شديدا، حتى خلافي بيت وأغلق على نفسه واحتجب عن الناس فلم يكن يدخل عليه أحد.
ثم إن امرأة من بني إسرائيل سمعت به، فجاءته فقالت: لي إليه حاجة استفتيه فيها، ليس يجزيني إلا أن أشافهه بها، فذهب الناس، ولزمت الباب، فأخبر، فأذن لها، فقالت: أستفتيك في أمره، فقال: ما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حليا، فكنت ألبسه زمانا، ثم إنهم أرسلوا إلي فيه، أفأرده إليهم؟ قال: نعم، قالت: والله إنه قد مكث عندي زمانا طويلا (2)، قال: ذاك أحق لردك إياه، فقالت له: رحمك الله، أفتأسف على ما أعارك الله عز وجل، ثم أخذه منك، وهو أحق به منك؟ فأبصر ما كان فيه، ونفعه الله بقولها (3).
وعن أبي الدرداء قال: كان لسليمان بن داود عليهما السلام ابن يحبه حبا شديدا، فمات فحزن عليه حزنا شديدا، فبعث الله - تعالى - إليه ملكين في هيئة البشر، فقال: (ما أنتما؟ قالا: خصمان، قال: اجلسا بمنزلة الخصوم، فقال: أحدهما: إني زرعت زرعا فأتى هذا فأفسده، فقال سليمان عليه السلام: ما يقول؟ قال:
أصلحك الله إنه زرع في الطريق، وإني مررت به فنظرت يمينا وشمالا فإذا الزرع، فركبت قارعة الطريق، فكان في ذلك فساد زرعه، فقال سليمان عليه السلام، ما حملك على أن تزرع في الطريق، أما علمت أن الطريق سبيل الناس، ولا بد للناس من أن يسلكوا سبيلهم؟ فقال له أحد الملكين: أو ما علمت - يا سليمان - أن الموت سبيل الناس، ولا بد للناس من أن يسلكوا سبيلهم؟) قال: فكأنما كشف عن سليمان عليه السلام الغطاء، ولم يجزع على ولده بعد ذلك.
رواه ابن أبي الدنيا (4).

(١) الفقيه ١: ٢٩٨ / ١٣٦٣ مرسلا، الجامع الصغير ٢: ٢٤٨ / 6077، والبحار 82: 144.
(2) ليس في (ش).
(3) الموطأ 1: 237 باختلاف في ألفاظه، والبحار 82: 154.
(4) أخرجه المجلسي في البحار 82: 154.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116