مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٩٠
فصل إعلم أن الدعاء يدفع البلاء، وزوال المرض وحفظ الولد لا ينافي الرضاء بالقضاء، فقد تعبدنا الله سبحانه بالدعاء، وندبنا إليه وحثنا عليه، وجعل تركه استكبارا وفعله عبادة ووعد بالإجابة ودعاء الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وأمروا به، وما نقل عنهم خارج عن حد الحصر، وقد أثنى الله تعالى على الداعين من عباده، فقال: ﴿ويدعوننا رغبا ورهبا﴾ (1).
ومن وظائف الداعي أن يكون في دعائه ممتثلا لأمر ربه تبارك وتعالى بالدعاء في طلب ما أمره (2) بطلبه، وأنه لولا أمره به، وإذنه له فيه لما اجترئ على التعرض لمخالفة قضائه، وفي الحقيقة هذا نوع من الرضاء لمن فهم مواضع (3) الرضاء، وأدب نفسه، وقام بوظائف الدعاء.
ومن علاماته أنه إذا لم يجب إلى مطلوبه لا يتألم من ذلك، من حيث عدم إجابته، لجواز أن يكون المدعو به مشتملا على مفسدة لا يعلمها إلا الله تعالى، كما ورد أن العبد ليدعو الله تعالى بالشئ حتى ترحمه الملائكة وتقول: إلهي ارحم عبدك المؤمن، وأجب دعوته، فيقول الله تعالى: كيف أرحمه من شئ به أرحمه؟
نعم، لو استوحش من حيث احتمال أن يكون السبب الذي أوجب رد دعائه بعده عن الله تعالى، واستحقاقه للخيبة والاجباه (4) والطرد والإبعاد، فلا حرج. فإن كمال المؤمن أن يكون ماقتا لنفسه مزريا عليها حتى لو أجيبت دعوته، فلا يظنن أن ذلك من كرامته على الله تعالى وقربه منه، بل يجوز أن يكون ذلك من بغض الله تعالى وكراهته لصوته، وتأذي الملائكة برائحته، فتسأل الله تعالى أن يعجل بإجابته (5) لتستريح منه.

(١) الأنبياء ٢١: 90.
(2) في (ش): ما أمر.
(3) في (ش): مواقع.
(4) الإجباه: الاستقبال بالمكروه. (لسان العرب - جبه - 13: 483).
(5) في (ش): اجابته.
(٩٠)
مفاتيح البحث: المرض (1)، السب (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116