مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ١١٣
فصل ليذكر من أصيب بمصيبة، أن المصائب والبلايا إنما يخص في الأغلب من لله به مزيد عناية، وله عليه إقبال وإليه توجه، وليتحقق ذلك قبل النظر في الكتاب والسنة فيمن يبتلى في دار الدنيا، فإنه يجد أشد الناس بلاء أهل الخير والصلاح بعد الأنبياء والرسل، والآيات الكريمة منبئة على ذلك، قال الله تعالى:
﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون﴾ (١) الآية، وقال تعالى: ﴿ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين﴾ (٢) وقال تعالى:
﴿وإذا تتلى عليهم آيتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا اي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا * قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا﴾ (3).
وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال: ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام البلاء، وما يختص الله عز وجل به المؤمن، فقال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال: النبيون، ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه، ومن سخف إيمانه، وضعف عمله قل بلاؤه) (4).
وروى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن عظيم الأجر مع عظيم البلاء، وما أحب الله - عز وجل - قوما إلا ابتلاهم) (5).
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن لله عز وجل عبادا في الأرض من خالص عباده، ما ينزل من السماء تحفة إلى الأرض إلا صرفها عنهم إلى غيرهم، ولا بلية إلا صرفها إليهم) (6).
وعن الحسين بن علوان، عنه عليه السلام، أنه قال: (إن الله تعالى إذا أحب

(١) الزخرف ٤٣: ٣٣.
(٢) آل عمران ٣: ١٧٨.
(٣) مريم ١٩: ٧٣ و ٧٥.
(٤) الكافي ٢: ١٩٦ / ٢.
(٥) الكافي ٢: ١٩٦ / ٣.
(٦) الكافي ٢: ١٩٦ / 5، تنبيه الخواطر 2: 204، وباختلاف يسير في التمحيص: 35 / 26.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116