مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٢٠
(من العذاب الأليم والعقاب العظيم) (1)، الذي لا يطيقه بشر، ولا يقوى به أحد، مع أن ولدك مشاركك في هذه السعادة، فقد فزت أنت وهو، فلا ينبغي أن تجزع.
ومثل لنفسك: أنه لو دهمك أمر عظيم، أو وثب عليك سبع أو حية، أو هجمت عليك نار مضرمة، وكان عندك أعز أولادك، وحبهم إلى نفسك، وبحضرتك نبي من الأنبياء، لا ترتاب في صدقه، وأخبرك: أنك إن افتديت بولدك سلمت أنت وولدك، وإن لم تفعل عطبت، و (الحال أنك) (2) لا تعلم هل يعطب ولدك، أو يسلم؟
أيشك عاقل أن الافتداء بالولد الذي يتحقق معه سلامة الولد، ويرجى معه - أيضا - سلامة الوالد، هو عين المصلحة، وأن عدم ذلك، والتعرض لعطب الأب والولد هو عين المفسدة! بل ربما قدم كثير من الناس نفسه على ولده، وافتدى به وإن تيقن عطب الولد، كما اتفق ذلك في المفاوز (3) والمخمصة (4).
هذا كله في نار وعطب ينقضي ألمه في ساعة واحدة، وربما ينتقل بعده إلى الراحة والجنة، فما ظنك بألم يبقى أبد الآباد، ويمكث سنين!؟ وإن يوما عند ربك منها كألف سنة مما تعدون، ولو رآها أحدنا، وأشرف عليها، لود أن يفتدي ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى (5).
ومن هنا جاء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال لعثمان بن مظعون رضي الله عنه، وقد مات ولده، فاشتد حزنه عليه: (يا ابن مظعون، إن للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبه (6)، آخذا بحجزتك يستشفع لك إلى ربك (7)، حتى يشفعه الله تعالى؟).
وسيأتي له نظائر كثيرة إن شاء الله.
الثالث: إنك إنما تحب بقاء ولدك لينفعك في دنياك، أو في آخرتك، ولا تريد

(1) في نسخة (ش) و (د): من العذاب العظيم.
(2) ما بين القوسين ليس في (ش) و (د).
(3) المفاوز: البوادي (مجمع البحرين - فوز - 4: 30).
(4) المخمصة: المجاعة (مجمع البحرين - خمص - 4: 169).
(5) اقتباس من سورة المعارج 70: 11 - 18.
(6) في نسخة (ح) وأمالي الصدوق: جنبك.
(7) رواه الصدوق في الأمالي: 63 / 1.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116