مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٧١
تخشى الفوت فتعجل بالعقوبة؟! فما برح برخ حتى (أفاضت وخاضت) (1) بنو إسرائيل بالقطر.
قال: فلما رجع برخ استقبل موسى عليه السلام، فقال: كيف رأيت حين خاصمت ربي، كيف أنصفني؟ (2) رجعنا إلى أخبار الصابرات:
وروي: أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها لما جاءها خبر ولدها - محمد بن أبي بكر - أنه قتل وأحرق بالنار في جيفة حمار، قامت إلى مسجدها، فجلست فيه، وكظمت الغيظ حتى تشخب ثديها دما (3).
وروي عن حمنة (4) بنت جحش رضي الله عنها: أنها قيل لها: قتل أخوك، قالت: رحمه الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، قالوا: وقتل زوجك، قالت: واحزناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشئ) (5).
وروي: أن صفية بنت عبد المطلب أقبلت لتنظر إلى أخيها لأبويها - حمزة بن عبد المطلب - بأحد، وقد مثل به، فقال النبي صلى الله عليه وآله لابنها الزبير: (إلقها فأرجعها لا ترى ما بأخيها) فقال لها: يا أماه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن ترجعي، قالت: ولم، وقد بلغني أنه قد مثل بأخي؟ وذلك في الله عز وجل، فما أرضانا بما كان من ذلك! فلأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله.
فلما جاء الزبير إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بقولها، فقال له: (خل سبيلها) فأتته، ونظرت إليه، وصلت عليه، واسترجعت، واستغفرت له (6).
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما قتل حمزة رضي الله عنه يوم أحد، أقبلت صفيه تطلبه، لا تدري ما صنع به، قال: فلقيت عليا والزبير، فقال علي عليه السلام للزبير: (أذكر لامك) فقال الزبير: لا، بل اذكر أنت لعمتك، قالت: ما فعل حمزة؟
فأرياها أنهما لا يدريان، قال: فجاءت النبي صلى الله عليه وآله فقال: (إني أخاف

(١) في (د): اخضلت.
(٢) أخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء ٨: ٨١.
(٣) روي القصة مفصلة الدميري في حياة الحيوان الكبرى ١: ٢٤٧.
(٤) في (ح): جهينة، والصواب ما أثبتناه من (د)، راجع (أسد الغابة ٥: ٤٢٨).
(٥) سنن ابن ماجة ١: ٥٠٧، المستدرك على الصحيحين 4: 62.
(6) السيرة النبوية لابن هشام 3: 103.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116