مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٥٤
وآله فقال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله قولا سررت به، قال: (لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم آجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، إلا فعل ذلك: به). قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه، فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منه، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: من أين لي خير من أبي سلمة: فلما انقضت عدتي استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أدبغ إهابا (1)، فغسلت يدي من القرظ (2) وأذنت له، فوضعت له وسادة أدم (3) حشوها ليف فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي صلى الله عليه وآله.
فلما فرغ من مقالته قلت: يا رسول الله، ما بي أن لا يكون بك الرغبة، ولكني امرأة في غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئا يعذ بني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن، وأنا ذات عيال.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي) قالت: فقد سلمت نفسي لرسول الله، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت أم سلمة: فقد أبدلني الله عز وجل بأبي سلمة خيرا منه: النبي صلى الله عليه وآله (4).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن للموت فزعا، فإذا أتى أحدكم وفاة أخيه فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم اكتبه عندك من المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلف على عقبه في الآخرين، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده) (5).
وعن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: (إن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أصابته مصيبة فقال إذا ذكرها: إنا لله وإنا إليه راجعون، جدد الله

(١) الإهاب: الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ (لسان العرب ١: ٢١٧).
(٢) القرظ: شجر يدبغ به، وقيل: هو ورق السلم يدبغ به الأدم. ومنه أديم مقروظ. (لسان العرب ٧:
٤٥٤
).
(٣) الأديم: الجلد ما كان، وقيل: الأحمر، وقيل: هو المدبوغ (لسان العرب ١٢: ٩.).
(4) مسند أحمد 4: 27، والبحار 82: 139.
(5) الجامع الكبير 1: 265. الفتوحات الربانية 4: 124، والبحار 82: 141.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116