مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٤٤
قبل أن يبلغ الحلم، فلما كان ذات ليلة، رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، والحشر قد وقع، والناس قد اشتد بهم العطش من شدة الجهد، وبيد ابن أخي ماء، فالتمست أن يسقيني فأبى، وقال: أبي أحق به منك، فعظم علي ذلك، فانتبهت فزعا، فلما أصبحت تصدقت بجملة دنانير، وسألت الله أن يرزقني ولدا ذكرا، فرزقنيه، واتفق سفرك، فكتبت لك تلك الرقعة، ومضمونها التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عز وجل في قبوله مني، رجاء أن أجده يوم الفزع الأكبر، فلم يلبث أن حم ومات، وكان ذلك يوم وصولك، فعلمت أنك بلغت الرسالة.
وفي كتاب (النوم والرؤيا لأبي الصقر الموصلي، حدثني علي بن الحسين بن جعفر، حدثني أبي، حدثني بعض أصحابنا ممن أثق بدينه وفهمه، قال: أتيت المدينة ليلا، فنمت في بقيع الغرقد (1) بين أربعة قبور عندها قبر محفور، فرأيت في منامي أربعة أطفال، قد خرجوا من تلك القبور، وهو يقولون:
أنعم الله بالحبيبة عينا * وبمسراك يا أميم إلينا عجبا ما عجبت من ظغطة * القبر ومغداك يا أميم إلينا فقلت: إن لهذه الأبيات لشأنا، وأقمت حتى طلعت الشمس، وإذا جنازة قد أقبلت، فقلت: من هذه؟ فقالوا: امرأة من أهل المدينة، فقلت: اسمها أميمة؟ قالوا:
نعم، قلت: قدمت فرطا؟ قالوا: أربعة أولاد، فأخبرتهم بالخبر، فأخذوا يتعجبون من هذا (2).
وما أحسنا ما أنشد بعض الأفاضل، يقول شعرا:
عطيته إذا أعطى سرورا * وإن سلب الذي أعطى أثابا فأي النعمتين أعد فضلا * وأحمد عند عقباها إيابا أنعمته التي كانت سرورا * أم الأخرى التي جلبت ثوابا؟

(١) بقيع الغرقد: بالغين المعجمة، هو مقبرة أهل المدينة (معجم البلدان: ١: ٤٧٣).
(2) البحار 82: 122.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116