مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٤٠
فإن أدى إلى ذلك أذن بعضهم بالقرعة. قال في المجموع: وعند الترتيب لا يتأخر بعضهم عن بعض لئلا يذهب أول الوقت. فإن لم يكن إلا مؤذن واحد سن له أن يؤذن المرتين، فإن اقتصر على مرة فالأولى أن تكون بعد الفجر. والمؤذن الأول أولى بالإقامة إلا أن يكون الراتب أولى. ويجوز للإمام أن يرزق المؤذن من مال المصالح، قال في المجموع:
ولا يجوز أن يرزق مؤذنا وهو يجد متبرعا كما نص عليه، قال القاضي حسين: لأن الإمام في بيت المال كالوصي في مال اليتيم، والوصي لو وجد من يعمل في مال اليتيم متبرعا لم يجز أن يستأجر عليه من مال اليتيم فكذا الإمام. فإن تطوع به فاسق وثم أمين أو أمين وثم أمين أحسن صوتا منه وأبى الأمين في الأولى والأحسن صوتا في الثانية إلا بالرزق رزقه الإمام من سهم المصالح عند الحاجة بقدرها. وللإمام أن يرزقهم وإن تعددوا بعدد المساجد وإن تقاربت وأمكن جمع الناس بأحدها لئلا تتعطل. ويبدأ وجوبا إن ضاق بيت المال وندبا إن اتسع بالأهم كمؤن الجامع. وأذان صلاة الجمعة أهم من غيره لكثرة جماعتها وقصد الناس لها، وللإمام وغيره استئجاره على الاذان لأنه عمل معلوم يرزق عليه ككتابة الصك ولرجوع نفعه إلى عموم المسلمين فهو كتعليم القرآن، ولا يشترط بيان المدة إذا استأجره الإمام من بيت المال بل يكفي أن يقول استأجرتك كل شهر بكذا بخلاف ما إذا استأجره من ماله أو استأجره غيره فلا بد من بيانها على الأصل في الإجارة، وتدخل الإقامة في استئجار الاذان ضمنا ويبطل إفرادها بإجارة، إذ لا كلفة فيها وفي الاذان كلفة غالبا لرعاية الوقت، فسقط ما قيل إن هذه الصورة ليست بصافية عن الاشكال.
ولا يصح الاذان للجماعة بالعجمية وهناك من يحسن العربية بخلاف ما إذا كان هناك من لا يحسنها، فإن أذن لنفسه وكان لا يحسن العربية صح وإن كان هناك من يحسنها، وعليه أن يتعلم، حكاه في المجموع عن الماوردي، وأقره.
(ويسن لسامعه) أي المؤذن ومستمعه كما فهم بالأولى، ومثل المؤذن المقيم. (مثل قوله) لقوله (ص): إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن متفق عليه، ويقاس بالمؤذن المقيم. وتناولت عبارته الجنب والحائض ونحوهما، وهو المعتمد كما جزما به خلافا للسبكي في قوله لا يجيبان لحديث: كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ولابنه في قوله ويمكن أن يتوسط، فيقال: تجيب الحائض لطول زمنها بخلاف الجنب. وتناولت أيضا المجامع وقاضي الحاجة، لكن إنما يجيبان بعد الفراغ كما قاله في المجموع، ومحله إذا لم يطل الفصل فإن طال لم تستحب لهما الإجابة. وفارق هذا تكبير العيد المشروع عقب الصلاة حيث يتدارك وإن طال الفصل بأن الإجابة تنقطع مع الطول بخلاف التكبير ومن في صلاة، والأصح أنه لا يستحب له الإجابة بل تكره، فإن قال في التثويب صدقت وبررت أو قال حي على الصلاة أو الصلاة خير من النوم بطلت صلاته، بخلاف صدق رسول الله (ص) لا تبطل به كما صرح به في المجموع. وإن أجاب في أثناء الفاتحة وجب استئنافها، وإذا كان السامع أو المستمع في قراءة أو ذكر استحب له أن يقطعهما ويجيب، أو في طواف أجاب فيه كما قاله الماوردي. ويسن أن يجيب في كل كلمة عقبها بأن لا يقارن ولا يتأخر كما في المجموع، قال الأسنوي: ومقتضاه الاجزاء في هذه الحالة وامتناعه عند التقدم. وأفهم كلام المصنف أنه لو علم أذان غيره أو إقامته ولم يسمعه لبعد أو صمم لا تسن له الإجابة. وقال في المجموع: إنه الظاهر لأنها معلقة بالسماع في خبر: إذا سمعتم المؤذن وكما في نظيره في تشميت العاطس قال: وإذا لم يسمع الترجيع فالظاهر أنه تسن له الإجابة فيه لقوله (ص): قولوا مثل ما يقول ولم يقل: مثل ما تسمعون. ويؤخذ من كلام المجموع في ذلك أنه لو سمع بعض الاذان يسن له أن يجيب في الجميع، وبه صرح الزركشي وغيره. قال في المجموع: وإذا سمع مؤذنا بعد مؤذن فالمختار أن أصل الفضيلة في الإجابة شامل للجميع إلا أن الأول متأكد يكره تركه. وقال ابن عبد السلام: إجابة الأول أفضل إلا أذاني الصبح فلا أفضلية فيهما لتقدم الأول ووقوع الثاني في الوقت، إلا أذاني الجمعة لتقدم الأول ومشروعية الثاني في زمنه (ص). (إلا في حيعلتيه) وهما: حي على الصلاة حي على الفلاح. (فيقول) بدل كل منهما: (لا حول) أي عن المعصية إلا بعصمة الله، (ولا قوة) على الطاعة (إلا بالله) أي بعون الله، فقد ثبت عن ابن مسعود أنه قال: كنت عند رسول الله (ص) فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله فقال رسول الله (ص): أتدري ما تفسيرها؟ قلت: لا، قال: لا حول عن معصية الله إلا
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532