مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣٧
حي على الفلاح، ولا يلتفت في قوله الصلاة خير من النوم كما صرح به ابن عجيل اليمني. وهو مقتضى قولهم: واختصت الحيعلتان بالالتفات، لأنه دعاء إلى الصلاة بخلاف باقي الكلمات، والفرق بين هذا وبين كراهة الالتفات في الخطبة أن المؤذن داع للغائبين، والالتفات أبلغ في إعلامهم، والخطيب واعظ للحاضرين فالأدب أن لا يعرض عنهم. فإن قيل:
مقتضى الفرق أنه لا يستحب الالتفات في الإقامة، مع أنه يستحب الالتفات فيها كالاذان. أجيب بأن القصد منها الاعلام أيضا، فليس فيها ترك أدب. ويسن أن يؤذن على موضع عال كمنارة وسطح، لخبر الصحيحين: كان لرسول الله (ص) مؤذنان: بلال، وابن أم مكتوم، ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا ولزيادة الاعلام، بخلاف الإقامة لا تسن على عال إلا في نحو مسجد كبير، فيحتاج فيه إلى علو للاعلام بها. وإذا لم يكن ثم منارة ولا سطح استحب أن يؤذن على باب المصلى فإن أذن في صحنه جاز وكان تاركا للسنة. وأن يجعل المؤذن أصبعيه في صماخي أذنيه لأنه روي في خبر أبي جحيفة: وإصبعاه في أذنيه، والمراد أنملتا سبابتيه ولأنه أجمع للصوت، ويستدل به الأصم والبعيد، بخلاف الإقامة لا يسن فيها ذلك. وأن يبالغ في رفع الصوت بالاذان لخبر أبي سعيد الخدري السابق أوائل الباب بلا إجهاد للنفس لئلا يضر بها. (ويجب ترتيبه) أي الاذان وكذا الإقامة للاتباع كما رواه مسلم وغيره، ولان تركه يوهم اللعب ويخل بالأعلام، فإن عكس لم يصح ذلك لما ذكره. وله أن يبني على المنتظم منه والاستئناف أولى، ولو ترك بعض الكلمات في خلالهما أتى بالمتروك وأعاد ما بعده. (و) تجب (موالاته) وكذا الإقامة، أي موالاة كلماتهما لأن تركها يخل بالأعلام ولا يضر يسير نوم أو إغماء أو ردة أو سكوت أو كلام. ويسن أن يستأنف في غير الأخيرتين. (وفي قول لا يضر كلام وسكوت طويلان) بين كلماتهما كغيرهما من الأذكار، وقيل: يضر كثير الكلام دون كثير السكوت. ومحل الخلاف إذا لم يفحش الطول فإن فحش قال في المجموع: بحيث لا يسمى مع الأول أذانا أي في الاذان ولا إقامة في الإقامة استأنف جزما، فإن عطس - بفتح الطاء - المؤذن أو المقيم في أثناء ذلك سن له أن يحمد الله في نفسه وأن يؤخر رد السلام إذا سلم عليه غيره والتشميت إذا عطس غيره وحمد الله تعالى إلى الفراغ فيرد ويشمت حينئذ، فإن رد أو شمت أو تكلم بمصلحة لم يكره وكان تاركا للسنة، ولو رأى أعمى مثلا يخاف وقوعه في بئر وجب إنذاره. ويشترط في الأذان والإقامة عدم بناء غيره على أذانه أو إقامته لأن ذلك من شخصين يوقع في لبس غالبا فسقط ما قيل إنه يؤخذ منه صحة البناء إذا اشتبها صوتا. (وشرط المؤذن) والمقيم (الاسلام) فلا يصحان من كافر لعدم أهليته للعبادة ولأنه لا يعتقد الصلاة التي هما دعاء لها فإتيانه بذلك ضرب من الاستهزاء، ويحكم بإسلامه بالشهادتين إن لم يكن عيسويا بخلاف العيسوي، والعيسوية فرقة من اليهود تنسب إلى أبي عيسى إسحاق بن يعقوب الأصبهاني كان في خلافة المنصور يعتقد أن محمدا رسول الله أرسل إلى العرب خاصة، وفارق اليهود في أشياء غير ذلك: منها أنه حرم الذبائح. فإن أذن أو أقام غير العيسوي بعد إسلامه ثانيا اعتد بالثاني. ولو ارتد المؤذن بعد فراغ الاذان، ثم أسلم ثم أقام جاز، والأولى أن يعيدهما غيره حتى لا يصلي بأذانه وإقامته لأن ردته تورث شبهة في حاله.
(و) شرط من ذكر (التمييز) فلا يصحان من غير مميز لعدم أهليته للعبادة. وفي اشتراط النية في الاذان وجهان في البحر، والأصح عدم الاشتراط، لكن يشترط عدم الصرف، فإن قصد به تعليم غيره لم يعتد به قاله ابن كج. (و) شرط المؤذن (الذكورة) ولو عبدا أو صبيا مميزا، فلا يصح أذان امرأة وخنثى لرجال وخناثى كما لا تصح إمامتهما لهم، وتقدم أذانهما لغير الرجال والخناثي. وقضية كلامهم أنه لا فرق في الرجال بين المحارم وغيرهم، وهو كذلك وإن نظر فيه الأسنوي. قال في المجموع: وشرط المرتب للاذان علمه بالمواقيت دون من أذن لنفسه أو الجماعة مرة، أي فلا يشترط معرفته بها، بل إذا علم دخول الوقت صح أذانه بدليل صحة أذان الأعمى، وهذا كما قال شيخنا يقتضي أن الراتب إذا لم يعلمها لم يصح أذانه، وليس مرادا بل يصح إذا عرفها بخبر ثقة كغير الراتب كما دل عليه كلام الأئمة حتى المتولي في تتمته، فشرط المؤذن راتبا أو غيره معرفة دخول الأوقات بأمارات أو غيرها، فإن ابن أم مكتوم كان راتبا مع أنه كان لا يعرفها
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532