مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣٩
للإمام بالرشد خوف زيغه، وللمؤذن بالمغفرة لعلمه بسلامة حاله. وأجيب عن الأول بأن الاذان يحتاج إلى فراغ وكانوا مشتغلين بمصالح الأمة، وقيل: لأنه (ص) لو أذن لوجب الحضور على من سمعه، وضعف هذا بأن قرينة الحال تصرفه إلى الاستحباب، ولأنه (ص) أذن مرة في السفر كما رواه الترمذي بإسناد جيد، وقيل: أذن مرتين. وصحح المصنف في نكته أن الاذان مع الإقامة أفضل من الإمامة وجرى على ذلك بعض المتأخرين، والمعتمد ما في الكتاب تبعا لصاحب التنبيه. وإذا كان أفضل من الإمامة فهو أفضل من الخطابة، لأن الإمامة أفضل منها، لأن الإمام يأتي بالمشروط والخطيب يأتي بالشرط والاتيان بالمشروط أولى. وقيل: الاذان والإمامة سواء، وقيل: إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة فهي أفضل وإلا فالاذان، وحكي عن نص الام. فإن قيل: كيف فضل المصنف الاذان مع موافقته للرافعي على تصحيحه أنه سنة وتصحيحه فرضية الجماعة، إذ يلزم من ذلك تفضيل سنة على فرض، وإنما يرجحه عليها من يقول بسنيتها؟ أجيب بأنه لا مانع من تفضيل سنة على فرض، فقد فضل ابتداء السلام على الجواب وإبراء المعسر على إنظاره، مع أن الأول فيهما سنة والثاني واجب.
فروع: يسن لمن صلح للاذان والإمامة الجمع بينهما، قال في الروضة: وفيه حديث حسن في الترمذي، وقيل: يكره، وقيل: يباح. ويسن أن يتطوع المؤذن بالاذان لخبر: من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار رواه الترمذي وغيره، وفي رواية: من أذن خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وأن يكون الاذان بقرب المسجد، وأن لا يكتفي أهل المساجد المتقاربة بأذان بعضهم بل يؤذن في كل مسجد. ويكره أن يخرج من المسجد بعد الاذان قبل أن يصلي إلا بعذر. ووقت الاذان منوط بنظر المؤذن ولا يحتاج فيه إلى مراجعة الإمام، والإقامة بنظر الإمام فلا يقيم إلا بإذنه، لقوله (ص): المؤذن أملك بالاذان والإمام أملك بالإقامة رواه ابن عدي من رواية أبي هريرة، فلو أقام المؤذن بغير إذن الإمام اعتد به. (وشرطه) أي الاذان، (الوقت) لأنه للاعلام بدخوله فلا يصح، ولا يجوز قبله بالاجماع لما فيه من الالباس، لكن نص في البويطي على سقوط مشروعيته بفعل الصلاة، وهذا يدل على أن مشروعية الاذان للصلاة وهو المعتمد كما مر، لا للوقت، وعلى هذا لو نوى المسافر تأخير الصلاة، فإن قلنا بالأول لم يؤذن وإلا أذن. (إلا الصبح) أي أذانه، (فمن نصف الليل) يصح لخبر الصحيحين: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم زاد البخاري: وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال: أصبحت أصبحت كما مر، وإنما جعل وقته في النصف الثاني لأنه أقرب إلى الصبح إذ معظم الليل قذ ذهب وقرب الاذان من الوقت فهو منسوب إلى الصبح، ولهذا تقول العرب بعده:
أنعم صباحا. قال في الإقليد: فيستحب تقديمه قبل الوقت خلافا لما أطلقه الأكثرون من أنه يجوز، لأن وقته يدخل على الناس وفيهم الجنب والنائم، فاستحب تقديم أذانها لينتبهوا ويتأهبوا ليدركوا فضيلة أول الوقت. وخرج بالاذان الإقامة فلا تقدم بحال. ويشترط فيه أيضا أن لا يطول الفصل بينها وبين الصلاة كما في المجموع. قال المصنف في شرح مسلم في كلامه على أنه لم يكن بين أذانيهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا، قال العلماء: معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه ثم يرقب الفجر، فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ثم يرقى، وقيل:
يدخل وقت أذانه في الشتاء لسبع يبقى من الليل، وفي الصيف لنصف سبع، وصححه الرافعي في شرحه وضعفه المصنف في زيادة الروضة، وقال: إن قائله اعتمد حديثا باطلا محرفا. ويدخل سبع الليل الأخير بطلوع الفجر الأول، وقيل: وقته جميع الليل، وقيل: إذا خرج وقت اختيار العشاء. وضبط المتولي السحر بما بين الفجر الكاذب والصادق، وقال ابن أبي الصيف: السحر هو السدس الأخير. (ويسن مؤذنان للمسجد) ونحوه تأسيا به (ص)، ومن فوائدهما أنه (يؤذن واحد) للصبح (قبل الفجر وآخر بعده) للخبر السابق. ويزاد عليهما بقدر الحاجة والمصلحة كما صححه المصنف، خلافا للرافعي في استحباب الاقتصار على أربعة، ويترتبون إن اتسع الوقت، ويقترعون للبداءة إن تنازعوا. فإن ضاق الوقت والمسجد كبير تفرقوا في أقطاره، وإن صغر اجتمعوا إن لم يؤد اجتماعهم إلى اضطراب واختلاط، ويقفون عليه كلمة كلمة،
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532