مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٤٣
تضر بالدابة بخلاف السفينة. (وإلا) أي وإن لم يمكن، أي يسهل ذلك كأن كان على سرج أو قتب (فالأصح إنه إن سهل الاستقبال) بأن تكون الدابة واقفة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها أو سائرة وبيده زمامها وهي سهلة (وجب) لتيسيره عليه (وإلا) أي وإن لم يسهل بأن كانت الدابة سائرة وهي مقطورة ولم يسهل انحرافه عليها أو جموح لا يسهل تحريفها، (فلا) يجب للمشقة واختلال أمر السير عليه، وقيل: يجب عليه مطلقا، فإن تعذر لم تصح صلاته، وقيل: لا يجب مطلقا لأن وجوبه يشوش عليه السير. (ويختص) وجوب الاستقبال (بالتحرم) فلا يجب فيما عداه وإن سهل، والفرق أن الانعقاد يحتاط له ما لا يحتاط لغيره لوقوع أول الصلاة بالشرط، ثم يجعل ما بعده تابعا له، ويدل لذلك أنه (ص) كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث وجهه ركابه رواه أبو داود بإسناد حسن كما قاله في المجموع. (وقيل: يشترط في السلام أيضا) لأنه آخر طرفي الصلاة، فاشترط فيه ذلك كالتحرم، والأصح المنع كما في سائر الأركان ولا يشترط فيما بينهما جزما. قال في المهمات: وقضية كلام الشيخين فيما إذا كانت سهلة أنه لا يلزمه الاستقبال في غير التحرم أيضا وإن كانت واقفة، وهو بعيد، قال ابن الصباغ: والقياس أنه مهما دام واقفا لا يصلي إلا إلى القبلة، وهو متعين. وفي الكفاية عن الأصحاب: أنه لو وقف لاستراحة وانتظار رفقة لزمه الاستقبال ما دام واقفا، فإن سار أتم صلاته إلى جهة سفره إن كان سيره لأجل سير الرفقة، وإن كان مختارا له بلا ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلاته، لأنه بالوقوف لزمه فرض التوجه، وفي شرح المهذب عن الحاوي نحوه اه‍. وما قاله كما قال شيخي ظاهر في الواقفة، ولكن لا يلزمه بالوقوف إتمام التوجه لظاهر الحديث السابق. أما الماشية فلا يجب الاستقبال عليها في غير التحرم وإن سهل. أما ملاح السفينة وهو الذي يسيرها فلا يلزمه توجه، لأن تكليفه ذلك يقطعه عن التنفل أو عمله، بخلاف بقية من في السفينة فإنه يلزمهم ذلك، وهذا ما صححه المصنف في التحقيق وغيره، وإن صحح الرافعي في الشرح الصغير اللزوم. (ويحرم انحرافه عن) صوب (طريقه) لأنه بدل عن القبلة، (إلا إلى القبلة) لأنها الأصل، حتى لو انحرف بركوبه مقلوبا عن صوب مقصده إلى القبلة لم يضر سواء أكانت القبلة خلفه أم لا خلافا لما وقع في الدميري من أنه يضر إذا كانت خلفه، فإن انحرف إلى غيرها عالما مختارا بطلت صلاته، وكذا النسيان أو خطأ طريق أو جماح دابة إن طال الزمن وإلا فلا، ولكن يسجد للسهو، لأن عمد ذلك مبطل وفعل الدابة منسوب إليه، وهذا ما جزم به ابن الصباغ وصححاه في الجماح، والرافعي في الشرح الصغير في النسيان، ونقله الخوارزمي فيه عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقال الأسنوي: تتعين الفتوى به. لكن المنصوص فيه كما في الروضة وأصلها أنه لا يسجد، وصححه في المجموع وغيره. والمعتمد الأول ولو انحرفت الدابة بنفسها من غير جماح وهو غافل عنها ذاكرا للصلاة، ففي الوسيط إن قصر الزمان لم تبطل، وإلا فوجهان اه‍. قال شيخنا: أوجههما البطلان. ولو أحرفه غيره قهرا بطلت وإن عاد عن قرب لندرته، ولو كان لصوب مقصده طريقان: أحدهما يستقبل فيه القبلة، والآخر لا يستقبل فيه فسلكه، فهل يشترط فيه أن يكون له غرض في سلوكه كما في مسافة القصر؟ لم أر من ذكره، والظاهر كما قال شيخي عدم الاشتراط، والفرق بينهما أن النفل يتوسع فيه. (ويومئ) أي يكفيه الايماء (بركوعه وسجوده) ويكون سجوده (أخفض) من ركوعه، وفي بعض النسخ: وسجوده وجوبا إن أمكن تمييزا بينهما للاتباع. ولا يجب عليه وضع الجبهة على السرج ونحوه لما فيه من المشقة، ولا أن ينحني غاية الوسع، وذلك لما روى البخاري: أنه (ص) كان يصلي على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء إلا الفرائض، وفي حديث الترمذي في صلاته (ص) على الراحلة بالايماء يجعل السجود أخفض من الركوع. (والأظهر أن الماشي يتم) وجوبا (ركوعه وسجوده ويستقبل فيهما
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532