مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٤٥
ما سبق) وهو قدر ثلثي ذراع، أو استقبل شاخصا كذلك متصلا بالكعبة وإن لم يكن منها كشجرة نابتة وعصا مسمرة أو مبنية وإن لم يكن قدر قامته طولا وعرضا. (جاز) أي ما صلاه، لأنه متوجه إلى جزء من الكعبة أو إلى ما هو كالجزء منها، وإن خرج بعضه عن محاذاة الشاخص لأنه مواجه ببعضه جزءا وبباقيه هواء الكعبة، بخلاف ما إذا كان الشاخص أقل من ثلثي ذراع فلا تصح الصلاة إليه، لأنه سترة المصلي فاعتبر فيها قدرها، لأنه (ص) سئل عنها فقال: كمؤخرة الرحل رواه مسلم. وظاهر كلامهم أنه لو استقبل الشاخص المذكور في حال قيامه دون بقية صلاته كأن استقبل خشبة عرضها ثلثا ذراع معترضة في باب الكعبة تحاذي صدره في حال قيامه دون بقية صلاته أنها تصح، وفي ذلك وقفة، بل الذي ينبغي أنها لا تصح في هذه الحالة إلا على الجنازة، لأنه مستقبل في جميع صلاته بخلاف غيرها، لأنه في حال سجوده غير مستقبل لشئ منها. ولو أزيل هذا الشاخص في أثناء صلاته لم يضر، لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، وبخلاف ما إذا صلى إلى متاع موضوع أو زرع نابت أو خشبة مغروزة فيها لم تصح صلاته، لأن ذلك ليس كالجزء منها. فإن قيل: قد عدوا الأوتاد المغروزة من الدار بدليل دخولها في بيع الدار فلم لم يعدوا العصا المغروزة في الكعبة منها؟ أجيب بأن العادة جرت بغرز الأوتاد في الدار للمصلحة فعدت من الدار لذلك، ولو وقف خارج العرصة ولو على جبل أجزأه ولو بغير شاخص، لأنه يعد متوجها إليها بخلاف المصلي فيها، والغرض في القبلة إصابة العين في القرب يقينا وفي البعد ظنا، فلا يكفي إصابة الجهة للأدلة السابقة أول الفصل. فلو خرج عن محاذاة الكعبة ببعض بدنه بأن وقف بطرفها، وخرج عنه ببعضه بطلت صلاته. ولو امتد صف طويل بقرب الكعبة وخرج بعضهم عن المحاذاة بطلت صلاته لأنه ليس مستقبلا لها، ولا شك أنهم إذا بعدوا عنها حاذوها وصحت صلاتهم وإن طال الصف، لأن صغير الحجم كلما زاد بعده زادت محاذاته كغرض الرماة، واستشكل بأن ذلك إنما يحصل مع الانحراف. ولو استقبل الركن صح كما قاله الأذرعي، لأنه مستقبل البناء المجاور للركن، وإن كان بعض بدنه خارجا عن الركن من الجانبين، بخلاف ما لو استقبل الحجر - بكسر الحاء - فقط لأنه لا يكفي لأن كونه من البيت مظنون لا مقطوع به لأنه إنما ثبت بالآحاد. ولو استدبر الكعبة ناسيا وطال الزمن بطلت صلاته، لمنافاة ذلك لها، بخلاف ما إذا قصر أو أميل عنها قهرا بطلت صلاته، وإن قصر الزمن. وصلاة النفل في الكعبة أفضل منه خارجها، وكذا الفرض إن لم ترج جماعة خارجها، فإن رجيت فخارجها أفضل، لأن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها، كالجماعة ببيته فإنها أفضل من الانفراد في المسجد وكالنافلة ببيته فإنها أفضل منها في المسجد، وإن كان المسجد أفضل منه، وإنما لم يراع خلاف من قال بعدم صحة الصلاة في الكعبة لعدم احترامه بمخالفته لسنة صحيحة، فإنه (ص) صلى فيها. (ومن أمكنه علم القبلة) بأن كان بحضرة البيت أو بمكة ولا حائل أو على جبل أبي قبيس أو على سطح بحيث يعاينها وشك فيها لظلمة أو غيرها لم يعمل بغير علمه، و (حرم عليه التقليد) أي الاخذ بقول مجتهد (والاجتهاد) أي العمل به كالحاكم يجد النص، وكذا يحرم عليه الاخذ بخبر الغير كما يعلم مما سيأتي. ولو عبر المصنف بقوله: حرم عليه الرجوع إلى غيره لشمله، فإن قبول قول المخبر ليس تقليدا. ولو بنى محرابه على العيان صلى إليه أبدا ولا يحتاج في كل صلاة إلى المعاينة، وكذا لو صلى بالمعاينة لا يحتاج إليها في كل صلاة. وفي معنى المعاين من نشأ بمكة، وتيقن إصابة القبلة وإن لم يعاينها حين يصلي. ولو حال بين الحاضر بمكة وبين الكعبة حائل خلقي كجبل أو حادث كبناء جاز له أن يجتهد للمشقة في تكليف المعاينة كما ذكره في التحقيق، ومحله إذا كان لحاجة فإن بنى حائلا منع المشاهدة بلا حاجة لم تصح صلاته بالاجتهاد لتفريطه، ومحله أيضا عند فقد المخبر عن علم، فإن وجب فهو مقدم على الاجتهاد كما سيأتي. ولا يجوز له الاجتهاد في محاريب المسلمين ومحاريب معظم طريقهم وقراهم القديمة إن نشأ بها قرون من المسلمين، وإن صغرت وخربت إن سلمت من الطعن، لأنها لم تنصب إلا بحضرة جمع من أهل المعرفة بالأدلة، فجرى ذلك مجرى الخبر عن علم إلا تيامنا وتياسرا فيجوز إذ لا يبعد الخطأ فيهما بخلافه في الجهة. ولا يجوز ذلك في محراب النبي (ص) ومساجده التي صلى فيها إن علمت، لأنه لا يقر (ص)
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532