مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٢٩
أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وعند الطلوع والاصفرار في خبر مسلم السابق، وليس فيهما ذكر الرمح، وهو تقريب.
وما قررت به عبارة المصنف من أن الأوقات خمسة هي عبارة الجمهور وتبعهم في المحرر، وهو أولى من الاقتصار على الثلاثة المذكورة في المتن، لأن من لم يصل الصبح حتى طلعت الشمس أو العصر حتى اصفرت يكره له التنفل حتى ترتفع أو تغرب، وهذا يفهم من عبارة الجمهور دون عبارة الكتاب، ولان حال الاصفرار يكره التنفل فيه على العبارة الأولى بسببين، وعلى الثانية بسبب واحد. ولعل المصنف توهم اندراجهما في قوله: وبعد الصبح وبعد العصر وقد علمت ما فيه. قال الأسنوي: والمراد بحصر الصلاة في الأوقات إنما هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية فستأتي كراهة التنفل في وقت إقامة الصلاة ووقت صعود الإمام لخطبة الجمعة اه‍. وإنما ترد الأولى إذا قلنا: إن الكراهة للتنزيه، وزاد بعضهم كراهة وقتين آخرين: وهما بعد طلوع الفجر إلى صلاته، وبعد المغرب إلى صلاته، وقال إنها كراهة تحريم على الصحيح، ونقله عن النص اه‍. والمشهور في المذهب خلافه. قال الأصحاب: وإذا صلى في الأوقات المنهي عنها عزر، ولا تنعقد إذا قلنا أنها كراهة تحريم، وكذا على كراهة التنزيه على الأصح. فإن قيل: يلزم من عدم الانعقاد أن الكراهة للتحريم لا للتنزيه، لأن الاقدام على العبادة التي لا تنعقد حرام اتفاقا لكونه تلاعبا. أجيب بأنه لا يلزم من القول بعدم الانعقاد القول بأن الكراهة للتحريم، لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة يضاد الصحة كنهي التحريم كما هو مقرر في الأصول. (إلا لسبب) غير متأخر فإنها تصح، (كفائتة) لأن سببها متقدم سواء أكانت فرضا أم نفلا حتى النوافل التي اتخذها وردا، ولخبر: فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها وخبر الصحيحين: أنه (ص) صلى بعد العصر ركعتين وقال: هما اللتان بعد الظهر وفي مسلم: لم يزل يصليهما حتى فارق الدنيا. وهذا من خصوصياته (ص)، فليس لمن قضى في وقت الكراهة صلاة أن يداوم عليها ويجعلها وردا. (و) صلاة (كسوف) واستسقاء وطواف (وتحية) وسنة وضوء (وسجدة شكر) وتلاوة كما ذكره في المحرر، لأن بعضها له سبب متقدم كركعتي الوضوء وتحية المسجد، وبعضها له سبب مقارن كركعتي الطواف وصلاة الجنازة وصلاة الاستسقاء والكسوف، ولان نحو الكسوف والتحية معرض للفوات. وفي الصحيحين في توبة كعب بن مالك: أنه سجد سجدة للشكر بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، وفيهما عن أبي هريرة: أنه (ص) قال لبلال: حدثني بأرجى عمل عملته في الاسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي. والدف: صوت النعل وحركته على الأرض. أما ما له سبب متأخر كركعتي الاستخارة والاحرام فإنه لا ينعقد كالصلاة التي لا سبب لها، لأن الاستخارة والاحرام سببهما متأخر عنهما. والمراد بالتقدم وقسيميه بالنسبة إلى الصلاة كما في المجموع، أو إلى الأوقات المكروهة على ما في أصل الروضة، والأول أظهر كما قاله الأسنوي، وعليه جرى ابن الرفعة، فعليه صلاة الجنازة وما ذكر معها سببها متقدم وعلى الثاني قد يكون متقدما، وقد يكون مقارنا بحسب وقوعه في الوقت أو قبله. ومحل صحة ما ذكر معها إذا لم يتحر به وقت الكراهة ليوقعها فيه، وإلا بأن قصد تأخير الفائتة أو الجنازة ليوقعها فيه، أو دخل المسجد وقت الكراهة بنية التحية فقط، أو قرأ آية سجده ليسجدها فيه. ولو قرأ قبل الوقت لم يصح للأخبار الصحيحة كخبر: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها. فإن قيل: كان ينبغي كما قال السبكي أن يكون المكروه الدخول لغرض التحية وتأخير الفائتة إلى ذلك الوقت، أما فعلها فيه فكيف يكون مكروها وقد يكون واجبا بأن فاتته عمدا، بل العصر المؤداة تأخيرها لتفعل وقت الاصفرار مكروه، ولا تقول بعد التأخير إن إيقاعها فيه مكروه بل واجب. أجيب بأن فعل كل من ذلك فيما ذكر مكروه أيضا للأخبار الصحيحة كالخبر المتقدم، وإنما صحت المؤداة لوقوعها في وقتها، بخلاف التحية والفائتة المذكورتين، وكونها قد تجب لا يقتضي صحتها فيما ذكر، لأنه بالتأخير إلى ذلك مراغم للشرع بالكلية ولان المانع يقدم على المقتضى عند اجتماعهما. وأما مداومته (ص) على الركعتين بعد العصر فتقدم الجواب
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532