كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٣٧
في بيان المراد من النافلة والفريضة ثم إن الظاهر أن المراد من النوافل التي لم يعتبر القبلة فيها هي ما تكون كذلك بالذات وان صارت واجبة بالعرض كما أن الظاهر أن المراد من الفريضة التي اعتبر فيها القبلة هي ما تكون كذلك بالأصل وان صار نفلا كالصلاة المعادة والدليل على ذلك مضافا إلى ظهور اللفظين أعني لفظي الفريضة والنافلة فيما هو كذلك بحسب أصل الشرع ان عروض الوجوب على العنوان المطلق لا يعقل ان يكون موجبا لزيادة لقيد في المتعلق وكذا عروض الندب لا يمكن ان يكون مسقطا للقيد المعتبر في متعلقه فان اعتبار الاطلاق والتقييد انما يكون قبل تعلق الحكم وهذا واضح الا ان يقال انا ان استظهرنا من الأدلة ان الصلوات الواجبة مطلقا يشترط فيها القبلة لا نحملها على أن الوجوب سبب لتحقق ذلك الاشتراط حتى يكون مستحيلا كما ذكرت بل نحملها على أن ايجاب الصلاة مما لا ينفك عن اشتراط القبلة فيها فلو أوجب الشارع صلاة نستكشف ببركة ما استظهرنا من الأدلة حسب الفرض تقييدها بالقبلة فلا محذور.
فان قلت سبب الوجوب في النافلة المنذورة هو النذر ومن المعلوم عدم تعلقه بالمقيد ولا يدل دليل وجوب الشئ بالنذر على وجوب اتيان ما لم يلتزم المكلف به فكيف يجب عليه بعنوان وجوب الالتزام بما التزم به خصوص العمل المقيد الذي لم يجعله على نفسه.
قلت القيود المتعلقة بالعمل كما انها قد تكون لأجل الدخل في المقتضى كك قد تكون لأجل ملاحظة المانع وأمثلة ذلك كثيرة فنقول ان تقييد الصلاة بالقبلة ليس من جهة عدم السعة في المقتضى بل من جهة ان الفرد الفاقد للقبلة ليس قابلا لتعلق الايجاب به من جهة المانع فينحصر مورد الوجوب بالفرد الاخر قهرا فظهر مما ذكرنا ان تقيد الصلوات الواجبة مطلقا وان كان وجوبها بالعرض بالقبلة امر ممكن في مرحلة الواقع واما الكلام في مرحلة الاثبات فالأدلة تحتمل أمورا خمسة أحدها اعتبار القبلة فيما يكون واجبا بالأصالة وسقوطها عما يكون نفلا كك والثاني اعتبارها فيما يكون
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست