(باب تكبيرة الإحرام) إعلم أن الصلاة لا تصح إلا بتكبيرة الإحرام فريضة كانت أو نافلة، والتكبيرة عند الشافعي والأكثرين جزء من الصلاة وركن من أركانها، وعند أبي حنيفة: هي شرط ليست من نفس الصلاة.
واعلم أن لفظ التكبير أن يقول: الله أكبر، أو يقول: الله الأكبر، فهذان جائزان عند الشافعي وأبي حنيفة وآخرين، ومنع مالك الثاني، والاحتياط أن يأتي الإنسان بالأول ليخرج من الخلاف، ولا يجوز التكبير بغير هذين اللفظين، فلو قال: الله العظيم، أو الله المتعالي، أو الله أعظم، أو أعز أو أجل وما أشبه هذا، لم تصح صلاته عند الشافعي والأكثرين، وقال أبو حنيفة: تصح. ولو قال: أكبر الله، لم تصح على الصحيح عندنا، وقال بعض أصحابنا: تصح، كما لو قال في آخر الصلاة: عليكم السلام، فإنه يصح على الصحيح.
واعلم أنه لا يصح التكبير ولا غيره من الأذكار حتى يتلفظ بلسانه بحيث يسمع نفسه إذا لم يكن له عارض، وقد قدمنا بيان هذا في الفصول التي في أول الكتاب، فإن كان بلسانه خرس أو عيب حركه بقدر ما يقدر عليه وتصح صلاته.
واعلم أنه لا يصح التكبير بالعجمية لمن قدر عليه بالعربية، وأما من لا يقدر، فيصح، ويجب عليه تعلم العربية فإن قصر في التعلم لم تصح صلاته، وتجب إعادة ما صلاه في المدة التي قصر فيها عن التعلم.
واعلم أن المذهب الصحيح المختار أن تكبيرة الإحرام لا تمد ولا تمطط، بل يقولها مدرجة مسرعة، وقيل: تمد، والصواب الأول وأما باقي التكبيرات، فالمذهب الصحيح المختار استحباب مدها إلى أن يصل إلى الركن الذي بعدها، وقيل: لا تمد، فلو مد ما لا يمد، أو ترك مد ما يمد، لم تبطل صلاته لكن فاتته الفضيلة.
واعلم أن محل المد بعد اللام من " الله " ولا يمد في غيره.
فصل: والسنة أن يجهر الإمام بتكبيرة الإحرام وغيرها ليسمعه المأموم، ويسر المأموم بها بحيث يسمع نفسه، فإن جهر المأموم أو أسر الإمام، لم تفسد صلاته.
وليحرص على تصحيح التكبير، فلا يمد في غير موضعه، فإن مد الهمزة من " الله "، أو أشبع فتحة الباء من " أكبر " بحيث صارت على لفظ " أكبار " لم تصح صلاته.