أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه، فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة، فأنزل الله تعالى هذه الآية (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) [الحشر: 9].
قلت: وهذا محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الطعام حاجة ضرورية، لأن العادة أن الصبي وإن كان شبعان يطلب الطعام إذا رأى من يأكله، ويحمل فعل الرجل والمرأة على أنهما آثرا بنصيبهما ضيفهما، والله أعلم.
(باب استحباب ترحيب الإنسان بضيفه وحمده الله تعالى على حصوله ضيفا عنده وسروره بذلك وثنائه عليه لكونه جعله أهلا لذلك) 694 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " من طرق كثيرة عن أبي هريرة وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ".
695 - وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، قال: " ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة "؟ قالا: الجوع يا رسول الله، قال: " وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا، فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار (1) فإذا ليس هو في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين فلان؟
قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء (2)، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني... " وذكر تمام الحديث.
(باب ما يقوله بعد انصرافه عن الطعام) 696 - روينا في كتاب ابن السني عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أذيبوا طعامكم بذكر الله عز وجل والصلاة، ولا تناموا عليه فتقسو له قلوبكم " (3).