وأما إطباق الناس على فعله مع أن في المتكنين به والمكنين الأئمة الأعلام، وأهل الحل والعقد والذين يقتدى بهم في مهمات الدين ففيه تقوية لمذهب مالك في جوازه مطلقا، ويكونون قد فهموا من النهي الاختصاص بحياته (صلى الله عليه وسلم) كما هو مشهور من سبب النهي في تكني اليهود بأبي القاسم ومناداتهم: يا أبا القاسم، للايذاء، وهذا المعنى قد زال. والله أعلم.
(باب جواز تكنية الكافر والمبتدع والفاسق إذا كان لا يعرف إلا بها أو خيف من ذكره باسمه فتنة) قال الله تعالى: (تبت يدا أبي لهب) واسمه عبد العزى، قيل: ذكر بكنيته لأنه يعرف بها، وقيل: كراهة لاسمه حيث جعل عبدا للصنم.
880 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ركب على حمار ليعود سعد بن عبادة رضي الله عنه.. " فذكر الحديث ومرور النبي (صلى الله عليه وسلم) على عبد الله بن أبي سلول المنافق، ثم قال: فسار النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): " أي سعد، ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي - قال: كذا وكذا.... " وذكر الحديث.
قلت: تكرر في الحديث تكنية أبي طالب، واسمه عبد مناف، وفي الصحيح " هذا قبر أبي رغال " ونظائر هذا كثيرة، هذا كله إذا وجد الشرط الذي ذكرناه في الترجمة، فإن لم يوجد، لم يزد على الاسم.
881 - كما رويناه في " صحيحيهما " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب: " من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل " فسماه باسمه، ولم يكنه ولا لقبه بلقب ملك الروم وهو قيصر، ونظائر هذا كثيرة، وقد أمرنا بالإغلاظ عليهم، فلا ينبغي أن نكنيهم ولا نرقق لهم عبارة، ولا نلين لهم قولا، ولا نظهر لهم ودا ولا مؤالفة.
(باب جواز تكنية الرجل) بأبي فلانة وأبي فلان والمرأة بأم فلان وأم فلانة إعلم أن هذا كله لا حجر فيه، وقد تكنى جماعات من أفاضل سلف الأمة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم بأبي فلانة، فمنهم عثمان بن عفان رضي الله عنه له ثلاث كنى: أبو عمرو، وأبو عبد الله، وأبو ليلى، ومنهم أبو الدرداء وزوجته أم الدرداء الكبرى