حارثه المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه، فاعتنقه وقبله " قال الترمذي: حديث حسن.
وأما المعانقة وتقبيل الوجه لغير الطفل ولغير القادم من سفر ونحوه، فمكروهان، نص على كراهتهما أبو محمد البغوي وغيره من أصحابنا.
761 م - ويدل على الكراهة ما رويناه في كتابي الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال: " قال رجل: يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال:
لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيأخذه بيده ويصافحه؟ قال: نعم " قال الترمذي: حديث حسن.
قلت: وهذا الذي ذكرناه في التقبيل والمعانقة، وأنه لا بأس به عند القدوم من سفر ونحوه، ومكروه كراهة تنزيه في غيره، هو في غير الأمرد الحسن الوجه، فأما الأمرد الحسن، فيحرم بكل حال تقبيله، سواء قدم من سفر أم لا. والظاهر أن معانقته كتقبيله، أو قريبة من تقبيله، ولا فرق في هذا بين أن يكون المقبل والمقبل رجلين صالحين أو فاسقين، أو أحدهما صالحا، فالجميع سواء. والمذهب الصحيح عندنا تحريم النظر إلى الأمرد الحسن، ولو كان بغير شهوة، وقد أمن الفتنة، فهو حرام كالمرأة لكونه في معناها فصل في المصافحة: إعلم أنها سنة مجمع عليها عند التلاقي.
762 - روينا في " صحيح البخاري " عن قتادة قال: قلت لأنس رضي الله عنه:
أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
763 - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته قال: فقام إلي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول، حتى صافحني وهنأني (1).
764 - وروينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه قال:
" لما جاء أهل اليمن، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد جاءكم أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة ".