ومساء في الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارا - وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة - كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، والله أعلم.
فصل: أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك. ولكن قراءة القرآن حرام على الجنب والحائض والنفساء، سواء قرأ قليلا أو كثيرا حتى بعض آية، ويجوز لهم إجراء القرآن على القلب من غير لفظ، وكذلك النظر في المصحف، وإمراره على القلب. قال أصحابنا: ويجوز للجنب والحائض أن يقولا عند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعند ركوب الدابة:
سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (1)، وعند الدعاء: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، إذا لم يقصدا به القرآن، ولهما أن يقولا: بسم الله، والحمد لله، إذا لم يقصدا القرآن، سواء قصدا الذكر أو لم يكن لهما قصد، ولا يأثمان إلا إذا قصدا القرآن، ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته ك (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما). وأما إذا قالا لإنسان: خذ الكتاب بقوة، أو قالا: ادخلوها بسلام آمنين، ونحو ذلك، فإن قصدا غير القرآن لم يحرم، وإذا لم يجدا الماء تيمما وجاز لهما القراءة، فإن أحدث بعد ذلك لم تحرم عليه القراءة كما لو اغتسل ثم أحدث. ثم لا فرق بين أن يكون تيممه لعدم الماء في الحضر أو في السفر، فله أن يقرأ القرآن بعده وإن أحدث. وقال بعض أصحابنا: إن كان في الحضر صلى به وقرأ به في الصلاة، ولا يجوز أن يقرأ خارج الصلاة، والصحيح جوازه كما قدمناه، لأن تيممه قام مقام الغسل. ولو تيمم الجنب ثم رأى ماء يلزمه استعماله فإنه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل. ولو تيمم وصلى وقرأ ثم أراد التيمم لحدث أو لفريضة أخرى أو لغير ذلك لم تحرم عليه القراءة.
هذا هو المذهب الصحيح المختار، وفيه وجه لبعض أصحابنا أنه يحرم، وهو ضعيف.
أما إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فإنه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، وتحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على الفاتحة.