مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨
تقطع عن الإضافة لفظا ولا ينوى المضاف إليه فتعرب أيضا الاعراب المذكور ولكن تنون لأنها حينئذ اسم تام كسائر الأسماء النكرات. ورابعها: ان يحذف المضاف إليه وينوى معناه دون لفظه فتبنى على الضم، ودخلت الفاء في حيزها لتضمن اما معنى الشرط، والعامل فيها اما عند سيبويه لنيابتها عن الفعل، والفعل نفسه عند غيره، والأصل مهما يكن من شئ بعد (فإن الاشتغال بالعلم) المعهود شرعا الصادق بالفقه والحديث والتفسير وما كان آلة لذلك كالنحو والصرف، فلا يندرج في ذلك معرفة الله تعالى ولا غيرها مما يعتبر تقديمه (من أفضل الطاعات) لأنها مفروضة ومندوبة، والمفروض أولى من المندوب، والاشتغال بالعلم من المفروض. وقد تظاهرت الآيات والاخبار والآثار وتواترت وتطابقت الدلائل الصريحة وتوافقت على فضيلة العلم والحث على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه. قال تعالى " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون " وقال تعالى " وقل رب زدني علما " وقال تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وقال تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " والآيات في ذلك كثيرة معلومة، وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " رواه البخاري ومسلم. وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حسد الا في اثنتين: رجل آتاه الله ما لا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها " والمراد بالحسد الغبطة، وهي ان يتمنى مثله. وعن سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه ان رسولا الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضى الله تعالى عنه " فوالله لأن يهدى بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " وعن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من دعا إلى هدى كان له من الاجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الاثم مثل آثام من تبعه لا ينقض ذلك من آثامهم شيئا ". وعن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أيضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " وعنه أيضا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما " وعن أبي الدرداء رضى الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله يقول: " من سلك طريقا يبتغى فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وان العالم ليستغفر له كل من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وان العلماء ورثة الأنبياء، فمن اخذه اخذ بحظ وافر ". وعن إمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ".
ثم قال صلى الله عليه وسلم " ان الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في حجرها، وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير " والأحاديث في الباب كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية. ومن الآثار عن علي رضى الله تعالى عنه:
كفى بالعلم شرفا ان يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما ان يتبرأ منه من هو فيه كما قيل:
فلله در العلم ومن به تردى، وتعسا للجهل ومن في أوديته تردى. وقال أبو مسلم الخولاني: مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا برزت للناس اهتدوا بها، وإذا خفيت عليهم تحيروا. وعن معاذ رضى الله تعالى عنه: تعلم العلم فإن تعلمه لك حسنة، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا بعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة. وقال على رضى الله تعالى عنه: العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو بالانفاق. وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه: من لا يحب العلم لا خير فيه، فلا يكن بينك وبينه معرفة ولا صداقة طلب العلم، يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر " قال عطاء: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشترى وتبيع وتصلى وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه ذلك. وقال: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم: أي فإنه يحتاج إليه في كل منهما. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة " يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " يسير الفقه خير من كثير
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532