مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥
العبد جميع ما أنعم الله تعالى به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله، وهذا يكون لمن حفته العناية الربانية. قال الله تعالى " وقليل من عبادي الشكور ". والمدح لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري مطلقا على جهة التعظيم. وعرفا ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل، فبين الحمد والشكر اللغويين عموم وخصوص من وجه، وبين الحمد والمدح اللغويين عموم وخصوص مطلق. والشكر عرفا أخص من الحمد والمدح والشكر لغة. وجملة الحمد لله خبرية لفظا انشائية معنى لحصول الحمد بالتكلم بها مع الاذعان لمدلولها ويجوز أن تكون موضوعة شرعا للانشاء، و الحمد مختص بالله تعالى كما إفادته الجملة سواء أجعلت فيه أل للاستغراق كما عليه الجمهور وهو ظاهر أم للجنس كما عليه الزمخشري لأن لام لله للاختصاص فلا فرد منه لغيره تعالى والا فلا اختصاص لتحقق الجنس في الفرد الثابت لغيره أم للعهد كالتي في قوله تعالى " إذ هما في الغار " كما نقله ابن عبد السلام واجازه الواحدي على معنى ان الحمد الذي حمد الله به نفسه وحمده به أنبياؤه وأولياؤه مختص به والعبرة تحمد من ذكر فلا فرد منه لغيره، وأولى الثلاثة الجنس (البر) بفتح الياء الموحدة: أي المحسن، وقيل الصادق فيما وعد، وقيل خالق البر بكسر الباء الذي هو اسم جامع للخير، وقيل اللطيف، وقيل هو الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب، وقيل هو العطوف على عباده ببره ولطفه (الجواد) بتخفيف الواو: وقد خرج الترمذي في جامعه حديثا مرفوعا ذكر فيه عن الرب سبحانه وتعالى أنه قال: " وذلك انى جواد ماجد " ويجمع على أجود وأجاويد وجود (الذي جلت) أي عظمت، والجليل: العظيم (نعمه) بمعنى انعامه: أي احسانه، وفي بعض النسخ نعمته بالافراد وهو الموافق لقوله تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " وأبلغ في المعنى، والنعمة بكسر النون وسكون العين الاحسان، وبفتح النون التنعم، وبضمها المسرة (عن الاحصاء) بكسر الهمزة: أي الضبط والإحاطة. قال تعالى " أحصاه الله ونسوه " (بالاعداد) بفتح الهمزة جمع عدد: أي نعم الله تعالى لا يحصيها عدد للآية المتقدمة. فإن قيل الاعداد جمع قلة والشئ لا يضبطه العدد القليل ويضبطه الكثير، ولذا قيل لو عبر بالتعداد الذي هو مصدر عد لكان أولى. أجيب بان جمع القلة المحلى بالألف واللام يفيد العموم (المان) أي المنعم تفضلا منه لا وجوبا عليه، وقيل الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، والحنان هو الذي يقبل على من اعرض عنه، والمن والمنة يطلقان على النعمة. قال تعالى " لقد من الله على المؤمنين " الآية، ويطلقان على تعداد النعم، تقول: فعلت مع فلان كذا وكذا. قال تعالى " لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى " والمان هنا يجوز أن يكون مأخوذ من كل منهما لأنهما في حق الله تعالى صحيحان وإن كان الثنى في حق الانسان ذما (باللطف) وهو بضم اللام وسكون الطاء: أي الرأفة والرفق، وهو من الله تعالى التوفيق والعصمة بان يخلق قدرة الطاعة في العبد. قال المصنف في شرح مسلم وفتحهما لغة فيه.
(فائدة) قال السهيلي لما جاء البشير إلى يعقوب أعطاه في البشارة كلمات كان يرويها عن أبيه عن جده عليهم الصلاة والسلام وهي: يا لطيفا فوق كل لطيف الطف بي في أموري كلها كما أحب ورضني في دنياي وآخرتي (والارشاد) مصدر ارشده: أي وفقه وهداه (الهادي) أي الدال (إلى سبيل) أي طريق (الرشاد) أي الهدى والاستقامة: وهو الرشد بضم الراء وسكون الشين وبفتحهما نقيض الغى (الموفق) أي المقدر (للتفقه) أي التفهم (في الدين) أي الشريعة، وهي ما شرعه الله تعالى من الأحكام (من لطف به) أي أراد به الخير (واختاره) أي اصطفاه له (من العباد) أشار بذلك إلى قوله صلى عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " أي ويلهمه العمل به. وفي الاحياء ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قليل من التوفيق خير من كثير من العلم " وفي بعض الرويات " العقل " بدل العلم، ولما كان التوفيق عزيزا لم يذكر في القرآن الا في ثلاثة مواضع: قوله تعالى " وما توفيقي الا بالله ". و " إن يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ". و " إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ". قال القاضي الحسين و التوفيق المختص بالمتعلم أربعة أشياء: شدة العناية، ومعلم ذو نصيحة، وذكاء
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532