مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤
تعالى، وهو عربي عند الأكثر، وعند المحققين انه اسم الله الأعظم. وقد ذكر في القران العزيز في الفين وثلاثمائة وستين موضعا. واختار المصنف تبعا لجماعة انه الحي القيوم. قال ولذلك لم يذكر في القران الا في ثلاثة مواضع: في البقرة وآل عمران وطه. والرحمن الرحيم صفتان مشبهتان بنيتا للمبالغة من رحم بتنزيله منزلة اللازم أو بجعله لازما، ونقله إلى فعل بالضم.
والرحمة لغة: رقة في القلب تقتضي التفضل والاحسان، فالتفضل غايتها، وأسماء الله تعالى المأخوذ من نحو ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادى التي تكون انفعالات، فرحمة الله تعالى إرادة ايصال الفضل والاحسان أو نفس ايصال ذلك فهي من صفات الذات على الأول ومن صفات الفعل على الثاني، والرحمن أبلغ من الرحيم لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى كما في قطع بالتخفيف وقطع بالتشديد. فإن قيل حذر أبلغ من حاذر. أجيب بان ذلك أكثري لا كلى، وبان الكلام فيما إذا كان المتلاقيان في الاشتقاق متحدي النوع في المعنى كغرث وغرثان لا كحذر وحاذر لا اختلاف وقدم الله عليهما لأنه اسم ذات وهما اسما صفة والذات مقدمة على الصفة، والرحمن على الرحيم لأنه خاص، إذ لا يقال لغير الله بخلاف الرحيم، والخاص مقدم على العام، وإنما قدم والقياس يقتضى الترقي من الأدنى إلى الاعلى كقولهم: عالم نحرير لأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره، لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الزحمة غايتها وذلك لا يصدق على غيره، ولذلك رجح جماعة انه علم ولأنه لما دل على جلائل النعم والتكميل وللمحافظة على رؤوس الآي.
(فائدة) قال النسفي في تفسيره: قيل الكتب المنزلة من السماء إلى الدنيا مائة وأربعة صحف شيث ستون، وصحف إبراهيم ثلاثون، وصحف موسى قبل التوراة عشرة، والتوراة لموسى، والإنجيل لعيسى، والزبور لداود، والفرقان لمحمد. ومعاني كل الكتب مجموعة في القران، ومعاني كل القران مجموعة في الفاتحة، ومعاني الفاتحة مجموعة في البسملة ومعاني البسملة مجموعة في بائها، ومعناها: بي كان ما كان وبي يكون ما يكون، زاد بعضهم: ومعاني الباء في نقطتها.
(الحمد لله) بدا بالبسملة ثم بالحمدلة اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بخبر " كل أمر ذي بال - أي حال يهتم به - لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم تعالى كغيره بين الابتداءين عملا بالروايتين، وإشارة إلى أنه لا تعارض بينهما، إذ الابتداء حقيقي وإضافي فالحقيقي حصل بالبسملة، والإضافي بالحمدلة، أو ان الابتداء ليس حقيقيا بل أمر عرفي يمتد من الاخذ في التأليف إلى الشروع في المقصود فاكتب المصنفة مبدءها الخطبة بتمامها. والحمد اللفظي لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التبجيل: أي التعظيم سواء أتعلق بالفضائل وهي النعم القاصرة أم بالفواضل وهي النعم المتعدية، فدخل في الثناء الحمد وغيره وخرج باللسان الثناء بغيره كالحمد النفسي، وبالجميل الثناء باللسان على غير الجميل، ان قلنا برأي ابن عبد السلام ان الثناء حقيقة في الخير والشر، وإن قلنا برأي الجمهور وهو الظاهر أنه حقيقة في الخير فقط، ففائدة ذلك تحقيق الماهية أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه كالشافعي وبالاختياري المدح فإنه يعم الاختياري وغيره، تقول: مدحت اللؤلؤة على حسنها دون حمدتها، وعلى جهة التبجيل مخرج لما كان على جهة الاستهزاء والسخرية نحو " ذق انك أنت العزيز الكريم " ومتناول للظاهر والباطن، إذ لو تجرد الثناء على الجميل عن مطابقة الاعتقاد أو خالف أفعال الجوارح لم يكن حمدا بل تهكم أو تمليح، وهذا لا يقتضى دخول الجوارح والجنان في التعريف لأنهما اعتبرا فيه شرطا لا شطرا. وعرفا فعل ينبئ عن تعظيم المنعم على الحامد أو غيره، سواء كان ذكرا باللسان أم اعتقادا ومحبة بالجنان أم عملا وخدمة بالأركان كما قيل:
أفادتكم النعماء منى ثلاثة * ولساني والضمير المحجبا مورد اللغوي هو اللسان وحده، ومتعلقه يعم النعمة وغيرها، ومورد العرفي يعم اللسان وغيره، ومتعلقه تكون النعمة وحدها، فاللغوي أعم باعتبار المتعلق وأخص باعتبار المورد والعرفي بالعكس. والشكر لغة هو الحمد عرفا، وعرفا صرف
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532