مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٦
القريحة، واستواء الطبيعة: أي خلوها من الميل إلى غير ذلك. والتفقه اخذ الفقه شيئا فشيئا. وهو لغة الفهم، واصطلاحا العلم بالأحكام الشرعية العلمية المكتسب من أدلتها التفصيلية. موضوعه أفعال المكلفين من حيث عروض الأحكام لها.
واستمداده من الكتاب والسنة والاجماع والقياس وسائر الأدلة المعروفة. وفائدته امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه المحصلان للفوائد الدنيوية والأخروية (أحمده) سبحانه وتعالى على ما أنعم به وتفضل (أبلغ حمد) أنهاه (وأكمله) أتمه (وأزكاه) إنما (واشمله) أعمه. فإن قيل كيف يتصور ان يصدر منه عموم الحمد مع أن بعض المحمود عليه وهو النعم لا يتصور حصرها كما مر. أجيب بان المراد ان ينسب عموم المحامد إليه تعالى على جهة الاجمال بان تعترف مثلا باشتماله تعالى على جميع صفات الكمال، ولا شك ان هذا ينطبق عليه حد الحمد المذكور وهو أبلغ من حمده الأول لأنه حمد بجميع الصفات برعاية الأبلغية وذاك بواحدة منها وهي المالكية وإن لم تراع الأبلغية بان يراد الثناء ببعض الصفات فذاك البعض أعم من هذه الواحدة لصدقه بها وبغيرها الكثير، فالثناء بهذا أبلغ في الجملة أيضا، نعم الثناء بالأول من حيث تفصيله.
أي تعينه أوقع في النفس من هذا. فإن قيل كيف يكون أبلغ مع أن الأول افتتح به الكتاب العزيز. أجيب بان الحمد فيه لمقام التعليم والتعيين له أولى (واشهد) أي اعلم وأبين (ان لا آله) أي لا معبود بحق في الوجود (الا الله ) الواجب الوجود روى الترمذي باسناد صحيح عن إلى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل خطبة ليس فيها تشهد كاليد الجذماء " أي المقطوعة البركة. وقال صلى الله عليه وسلم " مفتاح الجنة لا آله الا الله ". وفي البخاري " وقيل لوهب: أليس مفتاح الجنة لا آله الا الله؟ قال بلى ولكن ليس مفتاح الا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ولا لم يفتح لك " أي مع السابقين، فإن من مات مسلما لا بد من دخوله الجنة، وذكر لابن عباس قول وهب فقال: صدق وانا أخبركم عن الأسنان ما هي فذكر الصلاة والزكاة وشرائع الاسلام (الواحد) أي الذي لا تعدد له فلا ينقسم بوجه ولا نظير له فلا مشابهة بينه وبين غيره بوجه (الغفار) اسم مبالغة من الغفر: وهو الستر: أي الستار لذنوب من أراد من عباده المؤمنين فلا يظهرها بالعقاب عليها، ولم يقل بدل الغفار القهار استبشارا وترجيا، ولان معنى القهر مأخوذ مما قبله إذ من شان الواحد في ملكه القهر.
(فائدة) قال الدميري: في كلمة لا آله الا الله اسرار: منها ان جميع حروفها جوفية ليس فيها حرف شفهي إشارة إلى الاتيان بها من خالص الجوف وهر القلب: أي ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا آله الا الله خالصا مخلصا من قلبه ". ومنها انه ليس فيها حرف معجم إشارة إلى التجرد من كل معبود سواه: أي ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم " اتاني جبريل فبشرني ان من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت وان زنى وان سرق؟ قال وان زنى وان سرق ". ومنها انها اثنا عشر حرفا كشهور السنة منها أربعة حرم: وهي الجلالة حرف فرد وثلاثة سرد وهي أفضل كلماتها كما أن الحرم أفضل السنة، فمن قالها مخلصا كفرت عنه ذنوب سنة: أي كما روى عن بعض السلف. ومنها ان الليل والنهار أربعة وعشرون ساعة وهي ومحمد رسول الله أربعة وعشرون حرفا كل حرف منها يكفر ذنوب ساعة. (اشهد) أي واعلم وأبين (ان محمدا عبده ورسوله) ثبت هذا اللفظ في صحيح مسلم في التشهد، ومحمد علم على نبينا صلى الله عليه وسلم منقول من اسم مفعول المضعف سمى به بالهام من الله تعالى بأنه يكثر حمد الخلق له محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ قال رجوت ان يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه كما سبق في علمه.
قال ابن العربي لله تعالى الف اسم ولنبيه صلى الله وسلم كذلك، ووصف بالعبودية لأنه ليس للمؤمن صفة أتم ولا أشرف من العبودية كما قاله أبو علي الدقاق، قيل:
لا تدعني الا بيا عبدها * فإنه أشرف أسمائي
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532