مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٦٧
لغير القبلة) فيجب نبشه ما لم يتغير، ويوجه للقبلة استدراكا للواجب، فإن تغير لم ينبش. (لا للتكفين في الأصح) لأن غرض التكفين الستر، وقد حصل بالتراب مع ما في النبش من الهتك. والثاني: ينبش قياسا على الغسل بجامع الوجوب.
تنبيه: قد مر أن صور النبش لا تنحصر فيما قاله، وقد ذكرت صورا زيادة عليه كما علم، وبقي صور أخر: منها ما لو دفنت امرأة في بطنها جنين ترجى حياته بأن يكون له ستة أشهر فأكثر، نبشت وشق جوفها وأخرج تداركا للواجب، لأنه يجب شق جوفها قبل الدفن، وإن لم ترج حياته لم تنبش، فإن لم تكن دفنت تركت حتى يموت ثم تدفن. وقول التنبيه ترك عليه شئ حتى يموت وجه ضعيف نبهت عليه في شرحه. ومنها ما لو بشر بمولود، فقال:] إن كان ذكرا فعبدي حر أو أنثى فأمتي حرة، فمات المولود ودفن ولم يعلم حاله، فينبش ليعتق من يستحق العتق. ومنها ما لو قال: إن ولدت ذكرا فأنت طالق طلقة أو أنثى فطلقتين، فولدت ميتا فدفن وجهل حاله، فالأصح من زوائد الروضة في الطلاق نبشه. ومنها ما لو ادعى شخص على ميت بعدما دفن أنه امرأته وطلب الإرث، وادعت امرأة أنه زوجها وطلبت الإرث وأقام كل بينة، فينبش، فلو نبش فبان خنثى تعارضت البينة على الأصح وتوقف الميراث، وقال العبادي في الطبقات: إنه يقسم بينهما، ومنها: أن يلحقه سيل أو نداوة فينبش لينقل على الأصح في المجموع، ومنها ما لو قال: إن رزقني الله ولدا ذكرا فلله علي كذا ودفن قبل أن يعلم حاله، فينبش لقطع النزاع. ومنها ما لو شهدا على شخصه ثم دفن واشتدت الحاجة ولم تتغير الصورة فينبش ليعرف، ذكره الغزالي في الشهادات، وسيأتي ما فيه. ومنها ما لو اختلفت الورثة في أن المدفون ذكر أم أنثى ليعلم كل من الورثة قدر حصته، وتظهر ثمرة ذلك في المناسخات وغيرها. ومنها ما إذا تداعيا مولودا ودفن فإنه ينبش ليلحقه القائف بأحد المتداعيين. ومنها ما لو دفن الكافر في الحرم فينبش ويخرج، أما بعد البلى عند أهل الخبرة فلا يحرم نبشه، بل يحرم عمارته وتسوية التراب عليه إذا كان في مقبرة مسبلة لئلا يمتنع الناس من الدفن فيه لظنهم بذلك عدم البلى.
قال الموفق حمزة الحمودي في مشكل الوسيط: أن يكون المدفون صحابيا أو من اشتهرت ولايته فلا يجوز نبشه عند الانمحاق.
قال ابن شهبة: وقد يؤيده ما ذكره الشيخان في الوصايا أنه تجوز الوصية لعمارة قبور الأنبياء والصالحين لما فيه من إحياء الزيارة والتبرك، فإن قضيته جواز عمارة قبور الصالحين، مع جزمهما هنا بأنه إذا بلي الميت لم تجز عمارة قبره وتسوية التراب عليه في المقبرة المسبلة. (ويسن أن يقف جماعة بعد دفنه عند قبره ساعة يسألون له التثبيت) لأنه (ص) كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل رواه البزار، وقال الحاكم: إنه صحيح الاسناد. وروى مسلم عن عمرو بن العاص أنه قال: إذا دفنتموني فأقيموا بعد ذلك حول قبري ساعة قد ما تنحر جزور ويفرق لحمها حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع رسل ربي. ويسن تلقين الميت المكلف بعد الدفن، فيقال له:
يا عبد الله ابن أمة الله أذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد (ص) نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا. لحديث ورد فيه. قال في الروضة:
والحديث إن كان ضعيفا لكنه اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة، ولم تزل الناس على العمل به من العصر الأول في زمن من يقتدى به، وقد قال تعالى: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) *، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة، ويقعد الملقن عند رأس القبر. أما غير المكلف، وهو الطفل ونحوه ممن لم يتقدم له تكليف، فلا يسن تلقينه، لأنه لا يفتن في قبره. (و) يسن (لجيران أهله) ولأقاربه الأباعد وإن كان الأهل بغير بلد الميت، (تهيئة طعام يشبعهم) أي أهله الأقارب، (يومهم وليلتهم) لقوله (ص) لما جاء خبر قتل جعفر: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532