مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٦٦
فيه وإن لم يتغير لما فيه من تأخير دفنه ومن التعريض لهتك حرمته. قال الأسنوي: وتعبيرهم بالبلد لا يمكن الاخذ بظاهره بل الصحراء كذلك، فحينئذ ينتظم منها مع البلد أربع مسائل: من بلد لبلد، من بلد لصحراء، وعكسه، ومن صحراء لصحراء. ولا شك في جوازه في البلدتين المتصلتين أو المتقاربتين، لا سيما والعادة جارية بالدفن خارج البلد، ولعل العبرة في كل بلدة بمسافة مقبرتها. أما بعد دفنه فسيأتي قريبا في مسألة نبشه. (وقيل) أي قال البغوي وغيره: (يكره) لأنه لم يرد على تحريمه دليل، (إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس، نص عليه) الشافعي رضي الله تعالى عنه لفضلها، وحينئذ يكون الاستثناء عائدا إلى الكراهة، ويلزم منه عدم الحرمة، أو عائدا إليهما معا. قال الأسنوي:
وهو أولى على قاعدتنا في الاستثناء عقب الجمل، والمعتبر في القرب مسافة لا يتغير فيها الميت قبل وصوله. والمراد بمكة جميع الحرم لا نفس البلد، قال الزركشي: وينبغي استثناء الشهيد لخبر جابر قال: أمر النبي (ص) بقتلى أحد أن يدفنوا إلى مصارعهم وكانوا نقلوا إلى المدينة رواه الترمذي وصححه اه‍. وتقدم ما يدل عليه. وقال المحب الطبري: لا يبعد أن تلحق القرية التي فيها صالحون بالأماكن الثلاثة، وذكر أنه لو أوصى بنقله من بلد موته إلى الأماكن الثلاثة لزم تنفيذ وصيته، أي عند القرب وأمن التغيير لا مطلقا كما قاله الأذرعي. وإذا جاز النقل فينبغي كما قاله ابن شهبة أن يكون بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه، لأن فرض ذلك قد تعلق بالبلد الذي مات فيه فلا يسقط الفرض عنهم بجواز النقل، ولو مات سني في بلاد المبتدعة نقل إن لم يمكن إخفاء قبره، وكذا لو مات أمير الجيش ونحوه بدار الحرب ولو دفناه ثم لم يخف عليهم، ولو تعارض القرب من الأماكن المذكورة ودفنه بين أهله فالظاهر كما قاله بعض المتأخرين إذا الأول أولى. (ونبشه بعد دفنه) وقبل البلى عند أهل الخبرة بتلك الأرض، (للنقل وغيره) كصلاة عليه وتكفينه، (حرام) لأن فيه هتكا لحرمته. (إلا لضرورة، بأن دفن بلا غسل) ولا تيمم بشرطه. وهو ممن يجب غسله لأنه واجب فاستدرك عند قربه، فيجب على المشهور نبشه وغسله إن لم يتغير بنتن أو تقطع، ثم يصلى عليه. وقيل: ينبش ما بقي منه جزء، وقيل: لا ينبش مطلقا، بل يكره للهتك. ولو قال كأن دفن كان أولى لئلا يتوهم الحصر في الصور المذكورة، وسأنبه على شئ مما تركه. (أو) دفن (في أرض أو) في (ثوب مغصوبين) وطالب بهما مالكهما فيجب النبش ولو تغير الميت وإن كان فيه هتك حرمة الميت ليصل المستحق إلى حقه. ويسن لصاحبهما الترك، ومحل النبش في الثوب إذا وجد ما يكفن فيه الميت وإلا فلا يجوز النبش كما اقتضاه كلام الشيخ أبي حامد وغيره، بناء على أنا إذا لم نجد إلا ثوبا يؤخذ من مالكه قهرا ولا يدفن عريانا وهو ما في البحر وغيره، وهو الأصح كما قاله الأذرعي. قال الرافعي: والكفن الحرير كالمغصوب، قال المصنف: وفيه نظر، وينبغي أن يقطع فيه بعدم النبش اه‍. وهذا هو المعتمد لأنه حق لله تعالى. (أو وقع فيه) أي القبر (مال) وإن قل كخاتم، فيجب نبشه وإن تغير الميت، لأن تركه فيه إضاعة مال. وقيده في المهذب بطلب مالكه، وهو الذي يظهر اعتماده قياسا على الكفن، والفرق بأن الكفن ضروري للميت لا يجدي. وأما قوله في المجموع ولم يوافقوه عليه فقد رد بموافقة صاحبي الانتصار والاستقصاء له. وقال الأذرعي: لم يبين المصنف أن الكلام هنا في وجوب النبش أو جوازه، ويحتمل أن يحمل كلام المطلقين على الجواز، وكلام المهذب على الوجوب عند الطلب، فلا يكون مخالفا لاطلاقهم اه‍. ولو بلع مالا لغيره وطلبه صاحبه كما في الروضة ولم يضمن مثله أو قيمته أحد من الورثة أو غيرهم كما في الروضة نبش وشق جوفه وأخرج منه ورد لصاحبه. قال في المجموع: والتقييد بعدم الضمان غريب، والمشهور للأصحاب إطلاق الشق من غير تقييد. قال الزركشي: وفيما قاله نظر، فقد حكى صاحب البحر الاستثناء عن الأصحاب وقال: لا خلاف فيه، وهذا هو الأوجه إلا إن ابتلع مال نفسه فلا ينبش ولا يشق لاستهلاكه ما له في حال حياته. (أو دفن
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532