كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٥٢٣
بالتقييد يوجب الالتزام بتقييد الوثوق أيضا بما إذا كان حاصلا من حسن الظاهر إذا لا وجه لتقييد أحد الدليلين بالآخر دون العكس في المثبتتين الذين يكون بينهما عموم من وجه وبعبارة أخرى الجمع بين الدليلين المذكورين اما بحمل موضوع كل منهما على الموجب المستقل فينتج ما ذكرنا أولا من كون كل منهما امارة مستقلة لا يحتاج إحداها إلى ضميمة أخرى واما بحمل موضوع كل منهما على جزء الموجب فينتج ما ذكرنا أخيرا من أن اللازم الحكم بالعدالة في صورة الاجتماع.
خامسها الظاهر عدم الاشكال في أن المعاصي على قسمين صغيرة وكبيرة فاللازم تشخيص الكبائر من الصغائر لا يقال بناء على ما قلت من أن ارتكاب الصغيرة مناف للعدالة كالكبيرة فلا يبقى لتميز إحديهما عن الأخرى اثر عملي لأنا نقول يكفي في الأثر المتعلق بالعمل جعل الشارع الاجتناب عن الكبائر طريقا إلى الحكم بالعدالة دون الصغائر.
فان قلت كيف يتصور جعل خصوص الكبائر طريقا إلى العدالة مع أن طريقية اجتناب الصغائر إليها أولى فان من يخاف الله في ارتكاب الصغيرة مع كون محذورها أخف من الكبائر فهو أولى بعدم ارتكاب الكبائر مع ما أوعد الله عليها من العذاب الغير القابل للتحمل.
قلت يمكن ان يقال ان وجه اختصاص اجتناب الكبائر في كونه طريقا للعدالة ان الكبائر غالبا مقرونة بالدواعي النفسانية والقوى الحيوانية من الشهوية والغضبية دون الصغائر فالاجتناب عن الصغائر يكفي فيه أول درجة من الايمان والخوف من الله تبارك وتعالى بخلاف الاجتناب عن الكبائر فإنه يحتاج إلى ملكة قوية غالبة على ما نفسه من الدواعي على المشتهيات النفسانية القوية ولذا من اثر في نفسه نهى الشارع عن الكبيرة وصارت مشتهياته مقهورة مع قوتها فهو ممن يترك الصغيرة بطريق أولى إذا عرفت هذا.
فاعلم أن الاخبار دلت على أن الكبائر ما أوعد الله أو ما أوجب عليه النار و (ح) فكل معصية يدل الكتاب على كونها موجبة للدخول في النار يحكم بأنها
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»
الفهرست