كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٥٢٠
حرمتها كالكبيرة مناف للعدالة ولكن الذنوب التي ليست في أنظار أهل الشرع كبيرة قد يتسامحون في أمرها فكثيرا ما لا يلتفتون إلى حرمتها حال الارتكاب أو يلتفتون إليها ولكن يكتفون في ارتكابها باعذار عرفية كترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياء مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم فالظاهر عدم كون مثل ذلك منافيا لاتصافه بالفعل عرفا بكونه من أهل الستر والعفاف والخير أو الصلاح وغير ذلك من العناوين المعلق عليها قبول شهادته في اخبار الباب وهذا بخلاف مثل الزنا واللواط وشرب الخمر وقتل النفس ونظائرها مما يرونها كبيرة فإنها غير قابلة عندهم للمسامحة ومانعة عن اتصاف فاعلها بالاستقامة والاعتدال مطلقا فهذا هو الفارق بين ما يراه العرف صغيرة وكبيرة فان ثبت بدليل شرعي ان بعض الأشياء التي يتسامح فيها أهل العرف ولا يرونها كبيرة كالغيبة مثلا حاله حال الزنا والسرقة لدى الشارع في كونها كبيرة كشف ذلك عن خطأ العرف في مسامحتهم وان هذا أيضا كالزنا مناف للعدالة مطلقا فالذي يعتبر في تحقق وصف العدالة ان يكون الشخص من حيث هو لو خلى ونفسه كافا نفسه عن مطلق ما يراه معصية و مجتنبا بالفعل عن كل ما هو كبيرة شرعا أو في أنظار أهل العرف والدليل على ما قويناه ما تقدمت الإشارة إليه مرارا من أن المتبادر من اطلاق كون الرجل عدلا في الدين ليس الا إرادة كونه ملازما للتقوى والصلاح بأداء الواجبات وترك المحرمات ولم يظهر من صحيحة ابن أبي يعفور ولا من غيرها من الروايات إرادة ما ينافي ذلك فمن شهد أهل العرف الذين ألقى إليهم الخطاب باشهاد ذوي عدل منهم بكونه موصوفا بهذه الصفة جرى عليه حكمه وان كانت شهادتهم بذلك مبتنية على بعض المسامحات المغتفرة لديهم كساير الموضوعات التي تعلق بها حكم شرعي مما يتحمل المسامحات العرفية كاطلاق الصاع من الحنطة على الحنطة المدفوعة فطرة المشتملة على شئ يسير من تراب أو تبن ونحوه مما يتسامح فيه فحكمهم متبع في تشخيص موضوعات الاحكام وان كان مبتنيا على هذا النحو من المسامحات الغير الموجبة لكون الاطلاق اطلاق مجازيا في عرفهم.
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»
الفهرست