كتاب الصلاة - شيخ عبد الكريم الحائري - الصفحة ٥٢١
اللهم الا ان يدل دليل شرعي على خطائهم في مسامحتهم وان الذنب الفلاني الذي يستصغره العرف ويتسامحون في امره ليس كما يرونه بل هو عظيم في الواقع بحيث لو اطلع العرف على عظمته لرأوا كون مرتكبه خارجا عن حد الاعتدال خروجا بينا غير قابل للمسامحة نظير ما لو دل الدليل في المثال على أن ما يرونه من التبن المختلط ليس كما يرونه بل هو جسم ثقيل كقطع الحديد له مقدار معتد به من الوزن غير قابل للمسامحة فليتأمل فإنه لا يخلو عن دقة انتهى كلامه رفع مقامه وليت شعري انه بعد ما صرح بان صدور الصغيرة أيضا إذا كان عن عمد والتفات إلى حرمتها ينافي العدالة كالكبيرة إلى أي وجه استند وعلى أي دليل اعتمد في الحكم ببقاء وصف العدالة مع ارتكاب المعصية الصغيرة امن جهة عدم التفاتهم إلى حرمتها أو من جهة انهم مع الالتفات إلى حرمتها يكتفون في ارتكابها باعذار عرفية كما صرح بكلا الوجهين بعد التصريح بان ارتكاب الصغيرة كالكبيرة مناف للعدالة.
اما الوجه الأول فارتكاب المحرم مع الغفلة عن كونه محرما لا يكون معصية وان كان من الكبائر فهو خارج عن محل البحث فان الكلام في أن المعصية الصغيرة تنافى العدالة أم لا الا ان يكون الغفلة المفروضة ناشئة عن المسامحة الغير الجائزة عليه فيكون خارجا عن حد الاستقامة والاعتدال.
واما الوجه الثاني فما ادرى أي متشرع يرى نفسه معذورا في مخالفة الشارع وعصيانه بمجرد ان ما أتى به ليس من المحرمات التي وعد الله عليها العذاب مثلا و أي معنى للمعذورية مع العلم بكون العلم منهيا شرعيا.
ثالثها مقتضى الصحيحة الواردة في بيان العدالة ان يكون الشخص متصفا بالأوصاف المذكورة فيها مثل كونه ساترا لعيوبه فعلا وتاركا للكبائر ولا اشكال في أن العيوب التي ليس قادرا على ارتكابها متروكة من جهة عدم القدرة ولا يقال انه ساتر لها فالمراد ان يكون ساترا للعيوب التي تكون محلا لابتلائه وقادرا عليها من جهة وجود أسبابها وكذا يكون تاركا للكبائر التي يتمكن من الوصول إليها إذا عرفت ذلك.
(٥٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 ... » »»
الفهرست